كانوا يتواجدون وينشرون اوجاعهم وشقاهم. وكانوا يترحمون كلما ذكروا واحدا من موتاهم كما يترحمون علي القطاع العام. إنهم جماعة من العمال المحالين للتقاعد وهمهم . معرفة الزيادة المقررة من الحكومة بمناسبة عيدهم والدخان الحارج من النارجيلة في فراغ الحجرة المغلقة جعل ملامحهم الباهته هلامية . وبعد انتهاء بيان الحكومة علي التلفاز ومقارنة الزيادة بغلاء الاسعار ترحموا علي والد .الشاب الوحيد الجالس بينهم وكاد يغشي عليهم من الضحك قال كبيرهم والشاب يسمع عن ابيه مالم يعرفه: كان شيخا للجميع في المصنع والقرية . يمر كل يوم مرتين ولا يؤذي عامل واحد. ولانه كان رئيس العمال بمطبخ الروائح فقد كانت رائحته دوما عطرة. والصبايا والنسوة كن يقبلن عليه اكثر من الرجال‘ يعطونه سر خاطر الشاب وهو يتسمع. وسآل آخر ليلم بملمح .المناديل حتي يغمسها في العطرجديد للقصة. كان بارعا في خدمة اصدقاء ابيه. ويمر به الوقت بينهم اسرع من اترابه . يذهب اليهم بالبن والفاكهة ويختار لكل منهم ما يناسبه. لقد عصفت الامراض باسنان بعضهم واضعفت عظام البعض الآخر واكتشف لتوه ان التسعة الموجودين بالحجرة يضعون نظارات طبية تاكل نصف الوجوه الضعيفة المتغضنة الا واحد وقال آخر: كان يعرف مخبآ كل عامل من السبعمائة الموجودين بالقسم. خلف شكاير العلف وبذرة القطن والدواليب‘ رفي المسجد والحمام وبراميل العط واذا اعطي الصبية منديلها بعد غمسه غازلته دون ان يلتفت وقال الذي لا يضع نظارة علي عينيه: كان ضعيفا في جسده ويمشي كآنما يطير‘ واذا شتم احدنا ضحك وهو يفعل لم .واذا شتمه احدنا ضحك ايضا. ابتسم الشاب وهو يتذكر اباه العابس دوما بالبيتيعرف عنه مما عرف الآن شيئا يذكر ويتعجب لضحكه المصاحب للشتم والسباب. واسر في نفسه: كيف كان هذا الذي ربي ستة اولاد من راتبه القليل؟حتي العطر الذي كان يميزه ما كان يعرف بشيوعه وانتشاره في القرية. حتي الحنق والثورة عليه وهؤلاء ولما اوغل الليل واقترب الفجر نهضوا متثاقلين عليهم اثر .الاصحاب ماعاد يجدهالسنوات واضح وانتظر الشاب حتي خرجوا جميعا من باب الحجرة ثم لحق بهم علي السلم