الناس هنا يتمتعون بكل أنواع الرعاية، رعاية اجتماعية متميزة، والدولة تقدم خدمات غير عادية للمواطن منذ ولادته، فالطفل منذ ولادته يحظى على رعاية شاملة تشمل تقديم كل التجهيزات لولادة صحية في أحدث المستشفيات، يعقبها متابعة طبية دقيقة، فلكل مولود ممرضة خاصة تتابعه يومياً بعد الولادة، وعندما ينتقل إلى بيته تزوره أسبوعياً، وتقوم بإجراء الاختبارات اللازمة له، اختبارات السمع، والنظر، ووزن الطفل، وغيرها من الاختبارات، وتدون كل هذه المعلومات في كتيب خاص.
وتأمر الممرضة الأبوين بالذهاب بالطفل إلى الطبيب إذا شكّت لاحظت أعراضاَ معينة، وبالطبع العلاج مجاني في جميع مراحله على نفقة الدولة، وتستجوب الممرضة الأم والأب عن الطفل، وغذائه، وطريقة نومه، وأطواره، وترشدهما لطرق رعاية الطفل الصحيحة، ويمكنها إدخالهما السجن إذا لاحظت إهمالاً من الأبوين في هذا الجانب. شهدت بنفسي ذلك عندما حضرت الممرضة إلى الأسرة التي أقيم معها لكي تطمئن على طفلة العائلة الوليدة، تابعت كل ما قامت به، وما طرحته من أسئلة للأم والأب، وما أجرته للطفلة من فحوصات، وتساءلت .. متى نرى هذه الخدمة الطبية الرفيعة في عالمنا العربي؟
الطلبة أيضاً يحظون برعاية خاصة تتمثل في حصولهم على مكافأة شهرية مناسبة أثناء الدراسة، كما يحصلون على الكمبيوتر الشخصي "اللاب توب" مجاناً أو بأسعار مخفضة، أيضاً يتوفر لهم العلاج المجاني في أرقى المستشفيات، وغيرها من المميزات التي تكفل لهم التنشئة العلمية والنفسية الصحيحة.
المسنون أيضاً يحظون برعاية فائقة، فيحصلون على منحة شهرية مناسبة من الحكومة، والعلاج المجاني، ومن مظاهر هذه الرعاية التي شاهدتها أنهم يمكنهم الحصول على كرسي كهربي متحرك يمكّنهم من الحركة بسهولة في الشوارع والأسواق ..، خدمات كثيرة متنوعة لا نحلم بنصفها في العالم العربي، ولكن في المقابل الحكومة تستقطع ضرائب من المواطنين قد تصل إلى 40%.
عبّر لي المهندس جون جنس عن استيائه لكثرة الضرائب التي تقتطعها الحكومة من رواتب المواطنين، وصارحني أنه يتمنى لو أتيحت له الفرصة للتعاقد للعمل في بلد آخر، سألت عن موضوع الضرائب هذا، فأكد لي بعضهم أن الضرائب بالفعل كبيرة، عدا المبلغ الذي يقتطع لنقابة العمال، حتى أن هناك ضريبة على التلفزيون، فإذا اشتريت جهاز تلفزيون أو أكثر يجب أن تبلغ السلطات بذلك، وتسدد الضريبة المقررة عليه. وقعت في يدي صدفة نشرة حصلت عليها من مكتب البريد، لفت نظري أولاً أن النشرة مكتوبة بعدة لغات منها العربية، وهذا يؤكد استيعاب الدولة لقضية وجود الأعراق المختلفة على أراضيها، واستعدادها لتفهم ذلك، وتفهم حتمية انخراطهم في المجتمع الدنماركي، ولعل طباعة التعليمات بلغاتهم مختلفة دليل على ذلك. تقول النشرة :
(على كل من بحوزته تلفزيون أو راديو دفع رسوم رخصة التلفزيون أو الراديو، سواء إن كان الجهاز ممتلكاً، مستأجراً أو مستعاراً.
عند شراؤك لجهاز تلفزيون فأنت تدفع ثمن الجهاز فقط وليس الرسوم المتطلبة لاستعمال شبكة التلفزيون أو شبكة الراديو، لهذا يجب عليك دفع الرسوم سواء إن كنت تستعمل الجهاز كل يوم أو كنت لا تستعمله إلا نادراً، أو حتى إن كنت لا تستعمله إطلاقاً. وهذا يشمل طبعاً استعمالك لتلفزيون الدنمارك الرسمي أو الـ TV2 من الجانب الآخر فأنت لا يتوجب عليك دفع رسوم أكثر من رخصة واحدة للمنزل الواحد، حتى ولو كان عنك أكثر من جهاز تلفزيون واحد في البيت، أو حتى إن كان عندك جهاز تلفزيون في السيارة، أو إن كنت تمتلك مركباً وفيه جهاز تلفاز.
المنزل الواحد يشمل : - دافع الرخصة. - زوج دافع الرخصة. - الأبناء الذين لا تتجاوز أعمارهم الرابعة والعشرين عاماً. وعلى الجميع أن يكونوا مسجلين على العنوان ذاته.
عند حصولك على جهاز التلفزيون يجب عليك إخطارنا خلال مدة أقصاها أربعة عشر يوماً، عندما يصلنا خبر حصولك على الجهاز نرسل لك كرت الجيرو لدفع الرسوم. تدفع رسوم الرخصة مقدماً مرة كل ستة شهور، تستطيع أن ترى على بطاقة الجيرو الفترة التي يشملها الدفع وقدر تكلفتها. تذكر: إن كنت تملك جهاز تلفزيون وجهاز راديو معاً فأنت تدفع رخصة جهاز التلفزيون فقط.
توقيف دفع الرخصة: توقف الرخصة: - إن عدت لا تملك أجهزة يتوجب عليها دفع الرخصة. تستطيع الحصول على استمارة توقيف الرخصة في مكاتب البريد. - يتم توقيف الرخصة خطياً وبأسرع وقت ممكن. - توقيف الرخصة يتم من تاريخ اليوم الذي نستلم فيه رسالتك، ولا تستطيع أن توقف الرخصة بموجب تاريخ سابق. في حالة الانتقال:
يجب أن تعلمنا بانتقالك في حالتين: - الأولى إذا عزمت مغادرة البلاد. - الثانية إذا تزوجت بمن يدفع رخصة، ولهذا يجب إيقاف إحدى الرخصتين – حتى لا تدفعا كلاكما – أي رخصتين بدلاً من واحدة.)
قرأت التعليمات ثانية، وتعجبت، وحمدت الله في سري، لأنه لا توجد لدينا في مصر هذه الضريبة العجيبة، هناك الكثير من المزايا والنعم التي يحصل عليها المواطن في بلادنا، ولكنه لا يشعر بها، بينما تدفع عنها الشعوب الأخرى الضرائب، لذلك الحمد لله، نعم الحمد لله ..!