الصورة ذاكرة التاريخ التي لا تكذب أبداً، ليست للذكرى فقط، ولكنها موثق هام لتاريخ وحضارة وعادات وتقاليد، الصورة خطوة ضد الزمن والنسيان، تذكرك بأصلك وفصلك، جزء حيوي من ماضيك ومستقبلك.
أما بالنسبة للصحفي، فللصورة أهمية خاصة جدا، لأنها التعبير الصادق عما يكتبه، فالصورة أصدق من الخيال، الصورة حقيقة، والكتابة خيال، ولكن الخيال عندما يدعم بالحقيقة تكون النتيجة رائعة، وهي أيضاً الدليل والمستند في حالة اتهامك بالكذب، تماماً كالأدلة التي تبني عليها القضية كلها، إذا اختفت انهارت القضية، بعض الصور يختصر الكثير من الكلام، والكثير من ركام الصفحات، لذلك فقد كان اهتمامي بالصور، وكان حصاد الرحلة صور كثيرة ترصد مختلف الجوانب في هذه البلاد التي لا يعرفها الكثيرون.
وعندما يقوم الصحفي باستخدام الكاميرا، فهو يختلف بالطبع عن المصور العادي، لأن الرؤية الصحفية تتحكم في الصورة الملتقطة، فالصحفي عندما يلتقط الصورة، تتكون في ذهنه مسبقاً الموضوع الذي سيكتبه عنها، لذلك يتخذ قرار التقاط الصورة، لذلك كان أنجح الصحفيين الذين يقومون بالتقاط الصور بأنفسهم.
ولكن رغم الحرية المطلقة التي نراها في هذا البلد، والتي اخترقت كل الحدود، وأسقطت ورقة التوت الأخيرة، إلا أنهم وياللغرابة يتحفظون في هذا الموضوع، ويرفض الكثيرون التقاط الصور، ولا أدري السبب، يحدث هذا رغم أن الأمكنة المراد تصويرها أمكنة عامة، سوبر ماركت مثلاً، مكتب بريد، البعض يعتذر، ويخبرك بلطف أن التصوير ممنوع، أو على الأقل يطلب منك استئذان الإدارة، عبارة No Photos "ممنوع التصوير" شاهدتها في أكثر من مكان، في القصر الملكي، وفي "كرستيانيا" ..
في مصر لا توضع هذه العبارة إلا على المناطق العسكرية، من الممكن أن نتفهم ذلك في محلات الصرافة والبنوك، حيث يحدث ذلك ربما خوفاً من سرقتها، ولكن الأماكن العامة لماذا يمنعون التصوير بها؟. بالطبع هذه ليست قاعدة، ولكنها مشكلة واجهتها في أكثر من مكان، ولكن بالطبع تغلبت عليها، كيف؟، إذا قال أحدهم "ممنوع التصوير"، أتظاهر بالموافقة، ثم ألتقط الصورة وأمضي ..