القاهرة: الأمير كمال فرج.

مع تسارع شركات الإعلام للتكيف مع عالم، حيث تقوم حيتان الذكاء الاصطناعي باستخراج وإعادة استخدام أعمالها، ظهرت مجموعة جديدة من الوسطاء لعقد صفقات ترخيص بين منشئي المحتوى وشركات الذكاء الاصطناعي.

ذكرت راشي شريفاستافا في تقرير نشرته مجلة Forbes أن " الناشرين الذين يتصارعون مع شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة التي تقوم باستخراج محتواهم لتدريب نماذج لغوية كبيرة غالبًا ما يكون لديهم خياران: يمكنهم إما مقاضاة الشركة بتهمة انتهاك حقوق النشر أو إبرام صفقة لمرة واحدة لترخيص محفوظاتهم".

الآن تقدم فئة جديدة من الشركات خيارًا ثالثًا، وتعد بمساعدة الناشرين في الحصول على أموال عندما يتم الاستشهاد بعملهم أو تلخيصه بواسطة الذكاء الاصطناعي، مما يوفر بعض التعويض عن عدد مرات مشاهدة الصفحات المفقودة.

كشك رسوم

تعمل إحدى هذه الشركات، TollBit، ككشك رسوم رقمي، حيث تفرض على شركات الذكاء الاصطناعي سعرًا في كل مرة تقوم فيها باستخراج محتوى الناشر. وهناك شركة أخرى هي ProRata، التي تطور التكنولوجيا لمساعدة شركات الذكاء الاصطناعي في تعويض الناشرين بناءً على مقدار المحتوى الذي يظهر في المعلومات الناتجة عن الذكاء الاصطناعي. ثم هناك ScalePost، التي تبني مكتبة من المحتوى المرخص الذي يمكن لشركات الذكاء الاصطناعي الدفع للوصول إليه.

المخاطر عالية بالنسبة للناشرين الآن. تشتهر شركات الذكاء الاصطناعي الثقيلة مثل OpenAI وAnthropic وPerplexity، التي أعادت في وقت سابق من هذا العام استخدام تحقيق حصري محمي بجدار دفع من Forbes عبر منصات متعددة، بتجاهل البروتوكولات التي وضعتها لمنع برامج الزحف على الويب من استخراج المحتوى.

وقد أدى ذلك إلى دعاوى قضائية رفيعة المستوى من قبل أمثال صحيفة نيويورك تايمز وداو جونز، اللتين زعمتا أن هذا الاستخراج غير المصرح به ينتهك قانون حقوق النشر.

قررت شركات إعلامية أخرى الشراكة بدلاً من القتال. على سبيل المثال، تدفع OpenAI لشركة DotDash Meredith ما لا يقل عن 16 مليون دولار سنويًا لترخيص محتواها، وفقًا لما ذكرته Adweek. وسجلت شركة Thomson Reuters نحو 33 مليون دولار في الإيرادات حتى الآن من صفقات ترخيص محتوى الذكاء الاصطناعي في أحدث تقرير أرباح ربع سنوي لها.

ولكن مع قيام أنظمة الذكاء الاصطناعي باستيعاب المحتوى في الوقت الفعلي حتى تتمكن من تقديم معلومات محدثة، ومع تزايد شعبية محركات البحث التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، يشعر الناشرون بالقلق من أن حركة المرور المدرة للدخل تبتعد بشكل متزايد عن مواقعهم.

قال برهان حامد، كبير مسؤولي التكنولوجيا في Time "ليس سراً أن الناشرين يكافحون الآن، لذلك كنا نبحث عن فرص للحصول على القيمة التي يستحقها المحتوى الخاص بنا".

Time هي واحدة من حوالي 400 شركة بما في ذلك Adweek وHearst Corporation التي اشتركت لاستخدام TollBit، والتي قال حامد إنها أعطته المزيد من المعلومات حول الروبوتات التي تحاول الوصول إلى محتوى Time.

دفع المال للمبدعين

أعرب قادة الذكاء الاصطناعي في هذا المجال، بما في ذلك الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI سام ألتمان والرئيس التنفيذي لشركة Google سوندار بيتشاي، عن الحاجة إلى طريقة جديدة لدفع المال للمبدعين مقابل عملهم في عصر كشط الذكاء الاصطناعي. وفي حديثه في مؤتمر Dealbook الذي نظمته صحيفة New York Times في ديسمبر، قال ألتمان إنه يرى قيمة في المدفوعات الصغيرة كطريقة محتملة.

قال ألتمان "نحن بحاجة إلى إيجاد نماذج اقتصادية جديدة حيث يمكن للمبدعين الحصول على تدفقات إيرادات جديدة". لم تستجب OpenAI لطلب التعليق.

قال بيتشاي في مؤتمر Dealbook Summit: "أعتقد أنه سيكون هناك سوق في المستقبل. سيكون هناك مبدعون يبتكرون نماذج الذكاء الاصطناعي ويتقاضون أجرًا مقابل ذلك". لم تستجب Google لطلب التعليق.

يمكن لشركات الذكاء الاصطناعي استخدام منصة TollBit للوصول إلى أرشيفات الناشرين، وتصفية المحتوى الذي قد لا يكون للناشر حقوق فيه أو المحتوى الذي لا يريد ترخيصه.

جدار دفع

تقدم TollBit للشركات الإعلامية تحليلات بيانات حول عدد المرات التي تقوم فيها الروبوتات باستخراج البيانات من مواقعها وتنشئ "جدار دفع للروبوتات" يقوم تلقائيًا بتوجيه روبوتات استخراج البيانات إلى صفحة أخرى تحذرهم من عدم حصولهم على إذن للوصول إلى المحتوى.

تفرض TollBit على شركات الذكاء الاصطناعي رسوم معاملات وتوفر لهم سوقًا للبيانات المرخصة ولوحة تحكم لإدارتها. قال الرئيس التنفيذي توشيت بانيجراهي، الذي شارك في تأسيس الشركة مع زميلته السابقة أوليفيا جوسلين في عام 2023، إن TollBit تجري محادثات مع شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى لكنه لم يذكر أسماءها.  قال بانيجراهي "نحن بحاجة إلى تسهيل تفاعل هذه الآلة مع الآلات دون تدخل بشري".

لا يزال اهتمام المستثمرين بالمساحة الناشئة صغيرًا مقارنة بالمليارات من الدولارات التي تدفقت على شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة والشركات التي توفر لها قوة الحوسبة أو المعالجة. جمعت TollBit حوالي 30 مليون دولار من رأس المال الاستثماري من Lightspeed Venture Partners وغيرها. أغلقت ProRata جولة تمويلية بقيمة 25 مليون دولار في الشهر الماضي.

صفقات فردية

يرى الناشرون حاجة واضحة لمثل هذه التكنولوجيا. قال مايك بيمان، رئيس الاستراتيجية والعمليات في Adweek، إنه يأمل أن تجعل TollBit محتوى شركته متاحًا بشكل أكبر لبناة الذكاء الاصطناعي الذين قد لا يكون لديهم النطاق الترددي لإبرام صفقات فردية مع مئات الناشرين. قال: "هدفي هو التأكد من أن الشركاء الذين يتطلعون إلى العمل معنا لديهم أقل عدد من الحواجز للدخول، وأنهم قادرون على تعويضنا عن محتوانا بطريقة عادلة ومقبولة".

ولكن وضع سعر للمحتوى المستخدم لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي مهمة شاقة ومعقدة. قال باتريك هينو، نائب الرئيس في Mansueto Ventures، ناشر مجلتي Fast Company وInc، إن متغيرات مختلفة مثل مدى تفرد المقالة أو حداثتها يجب أن تؤخذ أيضًا في الاعتبار عند تسعير المحتوى. وقال : "التسعير فن مظلم في أفضل يوم، وفي هذا العالم الجديد سيكون هناك الكثير من التجربة والخطأ".

يزعم بيل جروس، مؤسس ورئيس تنفيذي لشركة ProRata، أنه وجد حلاً لمحركات البحث بالذكاء الاصطناعي. لقد اخترع ما يسميه "نسبة الإسناد" - وهي طريقة لحساب النسبة المئوية للاستجابة التي يولدها الذكاء الاصطناعي والتي تأتي من مصدر محتوى معين ومقدار الإيرادات التي يجب تقاسمها معهم. تستخدم الشركة خوارزمية لتقسيم ناتج الذكاء الاصطناعي إلى أجزاء مختلفة، واكتشاف وتصنيف أكثر الأفكار تفردًا في الاستجابة التي يولدها الذكاء الاصطناعي ودفع الأموال لأصحاب المحتوى المقابل وفقًا لذلك.

قال جروس "يمكننا أن نستنتج اعتماد الاشعار التالي،" مرحبًا، تم استخدام مقالتك في هذه الإجابة بحوالي 33٪ من الإجابة، وبالتالي يجب أن تحصل على 33٪ من حصة الإيرادات".

تقرير مع شيك

أطلقت ProRata مؤخرًا محرك البحث الخاص بها المسمى Gist.ai والذي يستخدم فقط محتوى مرخصًا من حوالي 400 شريك إعلامي بما في ذلك Fortune و The Atlantic و The Financial Times. في حين أنه لا يزال في مراحله المبكرة، فإن الهدف هو أنه في نهاية كل شهر، يحصل كل ناشر على تقرير عن عدد المرات التي ظهر فيها محتواه في إجابة chatbot، بالإضافة إلى شيك لمساهماته.

كما تعمل شركات أخرى مثل ScalePost AI على جعل محتوى الفيديو والصوت من الناشرين متاحًا لاستخدام الذكاء الاصطناعي. تساعد الشركة في تسهيل صفقات تحقيق الدخل مع شركات الذكاء الاصطناعي وتقدم لشركات الإعلام الأمريكية والدولية منصة لمراقبة حركة الروبوت لكل عنوان URL.  قال الرئيس التنفيذي أحمد مالك: "نحن مصدر الحقيقة الأساسية لما يحدث على مستوى الرابط".

وحدة الروبوت

كما تساعد Scale Post في ربط الناشرين بمؤسسي الذكاء الاصطناعي في الحياة الواقعية من خلال الأحداث المجتمعية. في يوليو، دخلت الشركة في شراكة مع شركة Perplexity الناشئة في مجال البحث عن الذكاء الاصطناعي في برنامج تقاسم الإيرادات الخاص بها، مما يسمح للناشرين برعاية الأسئلة ذات الصلة والحصول على حصة من إيرادات Perplexity على الإجابات التي استشهدت بالناشر كمصدر.

وتوفر منصة Scale Post للناشرين المشاركين بيانات حول كيفية ظهور محتواهم في إجابات Perplexity التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي. أخبرت Perplexity Forbes أن Scale Post كانت "شريكًا قيمًا"، حيث ساعدت في تقديم وتوسيع برنامج تقاسم الإيرادات الخاص بها إلى حوالي 20 ناشرًا.

أنشأت Scale Post أيضًا ما يسمى "وحدة الروبوت"، والتي تحدد وتصنف حوالي 800 روبوت ذكاء اصطناعي مختلف. قال مالك: "يتم احتساب كل زيارة ويب واحدة وهذه شفافية يهتم بها الناشرون كثيرًا بشكل طبيعي". "إذا تمكنا من تعقبهم، فيمكننا حظرهم".