القاهرة: الأمير كمال فرج.

بعد أن تم تسريح سايمون ويستبروك من شركة فايزر، أنفق أمواله الزائدة عن الحاجة في تحويل فكرة على قطعة من الورق إلى انتصار سريري. يمكن أن يكون متاحا في الصيدليات في غضون ثلاث سنوات

ذكر جلين كيو في تقريرنشرته صحيفة The Times أن "سايمون ويستبروك عندما تم تسريحه من شركة فايزر عام 2011، كان من الأسهل البحث عن عمل مربح في الخارج ونسيان "فكرة على قطعة من الورق" كان يطورها. إلا أنه كان يعتقد أن هذه الفكرة يمكن أن تؤدي إلى "أحد أهم الأدوية على الإطلاق".

تسريح من العمل

قال ويستبروك "بصفتي شخصًا متمردًا، قلت لزوجتي، هل نبدأ شركة التكنولوجيا الحيوية الخاصة بنا؟"، وبدعم من زوجته دومينيك، التي عملت أيضًا لدى شركة الأدوية العملاقة وتم تسريحها في نفس الوقت، شرع ويستبروك بمفرده في ابتكاره.

لم يكن الأمر سهلاً. لقد استنفد ويستبروك مدخرات الزوجين، وكافح لسداد الرهن العقاري، ونام في شاحنته البرتقالية من طراز فولكس فاجن موديل 1972 لتوفير المال، لحضور مؤتمرات التكنولوجيا الحيوية التي كان يحاول فيها جذب المستثمرين، وبدأ في تطوير عقار يغير قواعد اللعبة لعلاج هشاشة العظام.

نجاح التجربة

وأخيرًا في مارس، بعد مهمة استمرت 14 عامًا، كان ويستبروك، الذي يبلغ من العمر الآن 54 عامًا، جالسًا في فناء كنيسة في قرية كولورنو بإيطاليا، عندما تلقى الأخبار التي كان ينتظرها منذ فترة طويلة. لقد تجاوزت فعالية دوائه كل التوقعات.

وقال: "لقد رأينا البيانات [من التجارب البشرية على مرضى هشاشة العظام] وفكرنا،" يا إلهي، لقد نجح الأمر بالفعل ". "لقد أمضينا بضعة أيام في السهر للاحتفال. كم عدد الأشخاص الذين يمكنهم القول إنهم اكتشفوا شيئًا ما بالفعل؟"

نجح ويستبروك، الذي انتقل من ملبورن للدراسة للحصول على درجة الدكتوراه في علم وظائف الأعضاء والغدد الصماء في جامعة كامبريدج في سن السادسة والعشرين،  في ابتكار الدواء المعروف باسم LEVI-04، الذي تنتجه شركته، Levicept، والذي يمكن أن يحدث ثورة في علاج هشاشة العظام لحوالي 600 مليون مريض في جميع أنحاء العالم.

تجديد الأنسجة المصابة

يعتمد الدواء على جزيء اكتشفه ويستبروك أثناء عمله في شركة فايزر، ويمكن توصيله عن طريق حقنة EpiPen مرة واحدة في الشهر، حيث يعيد العمليات الوقائية للمفاصل المريضة ويمكّن من تجديد الأنسجة المصابة، ويعمل الدواء عن طريق منع مركب يدعم الخلايا العصبية المشاركة في نقل إشارات الألم إلى الدماغ.

سيساعد الدواء أيضًا في تحسين العلاجات الحالية، مثل حبوب مضادة للالتهابات المتعددة التي يتم تناولها يوميًا، والتي يمكن أن تسبب آثارًا جانبية مؤلمة في الجهاز الهضمي، وتزيد من خطر الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، أو المواد الأفيونية القوية التي يمكن أن تسبب الإدمان بدرجة كبيرة.

يقول ويستبروك "لقد أظهرت التجربة التي اكتملت مؤخرًا في المرحلة الثانية والتي أجريت على 510 مريضًا أن المرضى أفادوا بانخفاض كبير في الألم، وزيادة في القدرة على الحركة، وتحسن الصحة النفسية، حيث وجدوا أنفسهم غير مثقلين بمرضهم لأول مرة منذ سنوات.

وأضاف: "كان هناك مريض قال إنه لا يستطيع الانتظار للعودة إلى العيادة للحصول على حقنته. كانوا يقولون، "أعطني المزيد من سحر LEVI". لدينا مرضى تمكنوا من ممارسة التمارين الرياضية مرة أخرى، ولدينا مريض قال إنه بدأ ممارسة الملاكمة لأول مرة منذ 15 عامًا".

 أهم الأدوية على الإطلاق

وتابع ويستبروك  "أعتقد أن LEVI سيكون أحد أهم الأدوية على الإطلاق. أعلم أن هذا يبدو سخيفًا. لكن السكان يكبرون في السن، ويزدادون وزنًا. وإذا تمكنت من جعل الناس قادرين على الحركة لأول مرة منذ عشر سنوات، فسيكونون قادرين على تحسين حياتهم أيضًا". "أعتقد أنه سيكون دواءً رائدًا. لا جدوى من العيش إذا كانت حياتك متداعية. "يجب أن تتمتع بجودة الحياة."

ويعاني أكثر من عشرة ملايين شخص في المملكة المتحدة من هشاشة العظام، وهو النوع الأكثر شيوعًا من التهاب المفاصل في البلاد. تشمل الأعراض الألم والتصلب، ويؤثر بشكل شائع على الركبتين والوركين والمفاصل الصغيرة في اليدين.

ومن المأمول أن يتم استخدام الدواء - الذي ليس علاجًا ولكنه سيجعل الحالة أقل إيلامًا للمصابين - لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدي، والألم الناجم عن العلاج الكيميائي في المستقبل.

رجل اكتشاف الأدوية

كانت التجارب الناجحة في المرحلة الثانية بمثابة تعويض لتضحيات ويستبروك، بعد أن فقد وظيفته في منشأة البحث والتطوير التابعة لشركة فايزر في ساندويتش، كينت، إلى جانب 2000 زميل، عندما تم إغلاقها قبل 13 عامًا.

عمل ويستبروك، الذي يصف نفسه بأنه "رجل اكتشاف الأدوية"، في مجال الأبحاث حول أمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض المسالك البولية والسمنة لمدة 17 عامًا في الشركة. لقد اكتشف البروتين الذي سيؤدي إلى إنتاج LEVI-04 أثناء عمله على تخفيف الألم بمفرده في زاوية المختبر.

وقال: "كانت مجرد فكرة على قطعة من الورق عندما كنت أعمل هناك. لا أكثر من ذلك. ولم يكونوا في شركة فايزر مهتمين".

وبعد مغادرته للشركة، حصل على حقوق الملكية الفكرية من صاحب عمله السابق، المعروف باكتشافه العرضي للفياجرا، وشرع في حملة لجمع التبرعات لتطوير الدواء. لم يكن الأمر سهلاً على الإطلاق.

قال: "خلال الأشهر الثمانية عشر الأولى، استنفدنا مدخراتنا إلى الحد الذي لم نستطع معه سداد أقساط الرهن العقاري. أتذكر جيدًا أنني كنت أسير مع زوجتي في شارع أكسفورد في لندن من ملعب إلى آخر، وانهارت قائلة، "لا يمكننا القيام بذلك بعد الآن".

بعد ساعة، قيل لوستبروك إنه سيحصل على استثمار أولي بقيمة 500 ألف جنيه إسترليني من كيفن جونسون، رجل أعمال ومستثمر في التكنولوجيا الحيوية، والذي سيعمل معه على مدار العقد المقبل.

عربة كرفان

وفي وصفه لجولة أخرى لجمع التبرعات، أضاف ويستبروك: "كان أحد المؤتمرات في مضمار سباق سانداون في إيشير، ساري، وقمت بالتخييم في الليلة السابقة في شاحنتي البرتقالية فولكس فاجن القريبة، قبل القيادة إلى مضمار السباق في الصباح وركنها بجوار سيارات مرسيدس بنز وبي إم دبليو. كانت الشاحنة بارزة مثل الإبهام المؤلم.

"كان رجل الأعمال كيفن جونسون في المؤتمر وكان يسأل من أحضر فولكس فاجن. وعندما اكتشف أن الدواء ملكي، قال إنه سيستثمر أمواله معي، لأن رجل الأعمال الحقيقي أو المجنون فقط هو الذي يذهب إلى المخيم لجمع الأموال".

وأكد جونسون القصة. وقال: "فكرت، من هذا المجنون الذي يحضر عربة كرفان إلى مؤتمر؟". "اتضح أنه كان هذا الوغد الأحمق الذي نفد ماله ويحاول جاهدا تدبير أموره لأطول فترة ممكنة. كانت تلك هي اللحظة التي قررت فيها دعم هذا الرجل".

انهيار التجربة

ولكن في لحظة تعقدت الأمور، في المرة الأولى التي حاول فيها ويستبروك إنشاء الجزيء اللازم للدواء على نطاق واسع، "انهارت التجربة كانت تحتاج إلى تخمير جزيئتي، إنه بروتين. لذا، في الأساس، الأمر أشبه بصنع البيرة. لكن الأمر لم ينجح وأهدرت طنًا من المال. كانت تلك نقطة منخفضة جدًا. لكننا توصلنا إلى الخطأ ثم أخذنا دفعة أخرى وصنعنا الدواء".

ومنذ سعيه للحصول على التمويل الأولي للفكرة، جمع ويستبروك وفريقه 45 مليون جنيه إسترليني من الاستثمارات من عدد من الشركات، بما في ذلك شركة فايزر، التي حصلت على حصة صغيرة عندما تفاوضت على صفقة الملكية الفكرية معه.

فئران تجارب

ومع ذلك، كانت المشكلة التالية التي واجهتها شركة Levicept هي العثور على "فئران تجارب" بشرية للمشاركة في التجارب السريرية.

ولأن أكثر مرضى هشاشة العظام من الأكبر سناً، ولأن التجارب شملت بقاء المرضى في المستشفى لمدة أربعة أيام لإجراء الاختبارات، كان المتطوعون قليلين ومتباعدين.

وفي مرحلة ما، وضع ويستبروك إعلانات على قطارات الأنفاق يطلب فيها من المتطوعين "المهتمين بالحصول على أجر للمساعدة في البحث الطبي" أن يتقدموا، فضلاً عن ترك منشورات في الصيدليات.

حتى أنه كان "على وشك تكليف أشخاص من الشارع". وأضاف: "عندما رأيت شخصًا يعرج، أردت أن أقول، هل ستجري تجربتي؟.

نتائج استثنائية

وقاد البروفيسور فيليب كوناجان من جامعة ليدز التجربة السريرية الأخيرة، والتي أجريت في مواقع في جميع أنحاء أوروبا وهونج كونج. ووصف النتائج بأنها "استثنائية حقًا وذات مغزى سريري".

ومن المقرر الآن إجراء تجربة سريرية أكبر لعلاج المرضى في المملكة المتحدة والولايات المتحدة. وإذا نجحت، فقد يكون العلاج متاحًا في المملكة المتحدة، ويُوصف من قبل هيئة الخدمات الصحية الوطنية، في غضون ثلاث إلى أربع سنوات.

وأضاف ويستبروك: "لقد كانت رحلة طويلة ومعقدة في بعض الأحيان، وأود أن أشكر كل من شارك في التجارب، وآمن بهذا المشروع ودعمنا على طول الطريق".