تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



ثَمَّةَ رجلٌ يهُمُّنا .. هو عبدُ النّاصر




د. أحمد علي منصور

عنوان هذا التقديم الوجيز مستوحى من عنوان أحدث مؤلفات المؤرخ الدكتور عباس أبو غزالة (ثمّة رجل يهُمُّني.. هو ناصر)؛ العنوان الذي انتزعه المؤلف من كلمة للزعيم الفرنسي "شارل ديجول"؛ قائل هذه العبارة ضمن كلمة له، عبرت عن تقديره العميق لشخصية وتاريخ الزعيم "جمال عبدالناصر"، وقائد ثورة 23 يوليو 1952م في مصر، ومنظر هذه الثورة، وفيلسوفها.

ومن واقع ما قرأته في هذا الكتاب الصادر بالقاهرة مؤخرًا، رأيت أن أصوغ كلمتي بهذا العنوان؛ لأننا سنكتشف بمناظرة مواد الكتاب أن هذا الزعيم يستحق بالفعل أن نقدره، ونهتم به وبسيرته وتاريخه النضالي، اهتمامًا يفوق الرؤى الضيقة التي تصوّب كلَّ همها للبحث فيما يُحسَبُ للرجل، أو عليه، ما بين المفتونين به، وبأفكاره وشعاراته الثورية، وكارزميته الطاغية، وبين هؤلاء الذين لا يغفرون له ولرفاقه كثيرًا من الأخطاء التي كلفت مصر كثيرًا.

وبخاصة كارثة النكسة الشهيرة (1967م)؛ حيث فقدت مصر قطعة عزيزة من أرضها بسيناء، ارتوت بدماء وأشلاء آلاف الضحايا من ضباط وجنود الجيش، فضلاً عن تدمير عتاد مصر الحربي، وكسر الكرامة الوطنية بالهزيمة المدوية تلك.

والكتاب يذكر كل ذلك، ويقف على مقدماته وخلفياته، ولكن في توازن محسوب بين ما يُحسب لهذا الزعيم، وبين ما يحسب عليه، لا من خلال مُنطلقاتٍ تخصّ مؤلفَ الكتاب، أو توجيهاتِ مؤرخٍ وطنيٍّ مهمومٍ بتاريخ بلاده، وإنما بمنهج وأسلوب المؤرخ المتمسك بالحياد والتجرد، باحثًا عن الحقيقة التاريخية وسط ركام بالغ الضخامة من الحوادث، والوثائق، والتصريحات، والمذكرات، والأرشيفات الإعلامية، وبخاصة أرشيف الصحافة العالمية.

فبين هذه المواد الوثائقية وجد الدكتور "عباس أبو غزالة" ضالته، واختار منها – بصفة خاصة- شهادات من شهدوا وشاهدوا الأحداث، بجانب من صنعوها وأسهموا في صياغتها، من زعماء العالم، في الفترات التي عاشها عبدالناصر، وأسهم فيها معهم، وبفاعلية ونشاط، في تحريك عجلة التاريخ في خضم تحولات حادة بالغة الحرج للسياسة الدولية في النصف الثاني من القرن العشرين.

دخل د.أبو غزالة كواليس السّاسة والسّياسة العالمية، في الشرق والغرب، من خلال المتابعات الأرشيفية، لما دار في الأمكنة والأزمنة، واللقاءات الشخصية والرسمية، وما تمخض عنها من تصريحات، أو مواقف، أو قرارات، فضلاً عن مذكرات بعض صناع الأحداث، والكثيرين من أقرب شهودها.

تتبّع د.أبو غزالة هذه الوثائق المتنوعة على مدار أكثر من خمسين عامًا، مذ بدأت فكرة الكتاب تلوح في ذهنه عقب وفاة عبدالناصر، وأعينه تبحث عن هؤلاء الشهود بين شرق العالم وغربه، حيثما كان مجال انتشار مكانة ونشاط عبدالناصر، أحد كبار زعماء ومنظري حركة عدم الانحياز، التي تبنت أفكار هذا الزعيم الفيلسوف. ولعله أراد أن يقود - من خلال هذه الحركة- نشاطًا ثوريًّا عالميًّا، يقاوم به اختلال توازنات القوى والمصالح في العالم، بين أقطاب النفوذ الاستعماري القديم والجديد، وبين أقطاب النزعات الثورية والتحررية التي اجتاحت العالم، تنشد التحرر من الاستعمار، وتحقيق استقلال الأوطان، وكرامة الشعوب، والتوزيع العادل للموارد والثروات، التي تسيطر عليها القوى الكبرى، بقوة النفوذ والسلاح.

هنالك، ودون أن يصرّح د.أبو غزالة، نكتشف أن الحديث عن "عبدالناصر"  يتجاوز حدود بلاده، وثورة المصريين لتأسيس وعي وطني وسياسي وقومي جديد، لنعرف أنه كان ثوريًّا عالميًّا، ناشطًا فاعلاً ومؤثرًا، أراد أن يؤسس لنظام عالمي جديد، أكثر عدلاً وحكمة وسلامًا.

وقد عرض المؤلف في كتابه، فصولاً من الكلمة المطولة التي ألقاها عبدالناصر في الأمم المتحدة، قبل عشر سنوات تمامًا من وفاته، وتحديدًا يوم 27 سبتمبر 1960م، وهذه الكلمة تكشف لنا بوضوح عن الرؤية السياسية العميقة لهذا الزعيم، الذي عرض كلمته -في تجمع دولي كبير حضره الكثير من أبرز زعماء الشرق والغرب- التي كشف فيها عن فلسفة تحاول أن تؤسس لخطاب سياسي عالمي جديد، يتسم بالحكمة، ويسعى إلى الغاية التي لطالما فشل زعماء العالم في تحقيقها، وهي السلام لبني البشر، فضلاً عن التعاون البناء في ظل نظام عالمي أكثر عدلاً وأمنًا.

ولقد مات عبدالناصر في 28 سبتمبر 1970م، لكن العالم الحيّ لا يزال يتخبط بين صراعات تتجدد، وكأن العالم لم يتقدم خطوة للأمام، بالرغم من ظهور نظام عالمي جديد، هو النقيض الأكثر انحرافًا عن صياغات عبدالناصر؛ إذ لا تزال القوى الكبرى تزداد ضراوة، بينما تزداد البلاد الضعيفة ضعفًا وتراجعًا وانسحاقًا، في انتكاسات لا تنتهي للأمن والسلام الدوليين.

تلك بعض تخاطراتي وأن أتجول بين الفصول العشرة لهذا الكتاب الجديد المثير، ولسوف يجد القارئ المتأمل مشاهدات ورؤى كثيرة، حين يوازن بين مئات الاستخلاصات الوثائقية، ليجد نفسه مأخوذًا لإعادة استقراء وتأويل التاريخ، على مستوى شخصية بطل الكتاب من زاوية، وعلى مستوى مصر، محور الحدث الثوري والبطل الفيلسوف، من زاوية، ثم على مستوى العالم العربي من زاوية ثالثة، ولكن تبقى الزاوية الأكثر انفتاحًا للرؤية هي زاوية تاريخ السياسة الدولية، بين انتكاسات الأمس واليوم. الكتاب صادر عن دار الهالة للنشر والتوزيع بالقاهرة (2023م)، ترجمة عن النسخة الفرنسية للمؤلف، الصادرة في باريس (2022م).  

 

 


تاريخ الإضافة: 2023-08-01 تعليق: 0 عدد المشاهدات :779
2      0
التعليقات

إستطلاع

مواقع التواصل الاجتماعي مواقع تجسس تبيع بيانات المستخدمين
 نعم
69%
 لا
20%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات