القاهرة : الأمير كمال فرج.

تغير التوقيع عبر الوقت، من التوقيع بالقلم إلى البصمة إلى التوقيع الألكتروني في عصر الإنترنت ، فكيف سيكون التوقيع في المستقبل ؟ المؤشرات تقول ان الرموز الغير قابلة للاستبدال NFT ستكون التوقيع الجديد كوحدة تشفير لحفظ السجلات.

ذكرت ايلين اساجون سكايرز في تقرير نشره موقع Bootcamp أن "الأسطورة السائدة لمؤسس بتكوين Bitcoin الغامض تفترض أن "ساتوشي ناكاموتو ‏Satoshi Nakamoto" هو اسم مستعار لمجموعة من المطورين الذين يتطلعون إلى إنشاء عملة رقمية يمكن أن توجد خارج سيطرة الحكومة والبنوك والجهات الخارجية".

قام هؤلاء معًا بإنشاء عملة يمكن تخزينها في رمز، والتحقق منها من خلال شبكة ضخمة ومشتركة من المعاملات من نظير إلى نظير تجري على أجهزة الكمبيوتر في جميع أنحاء العالم. يتم تأمين هذه المعاملات على السلسلة باستمرار من خلال إثبات التشفير".

لطالما كان الإثبات، كما يحدث ، أمرًا ضروريًا لمصادقة الفن وإدارته وتوزيعه عبر السوق العالمية. كانت الندرة مركزية في تسليع الفن التقليدي قبل وقت طويل من افتتاننا (أو نفورنا من) الرموز الغير قابلة للاستبدال NFTs.

تم دعم صناعة الفن بأكملها، كما كانت، من قبل مثمنين خبراء ودفاتر الأستاذ ووسائل أخرى لحفظ السجلات لتقييم الملكية والحفظ والمصدر والحالة. في تجارة الطباعة، يشير "دليل الفنان" تاريخيًا إلى انطباع أول طبعة، مأخوذة لتحديد حالة اللوح أو القوالب الخشبية أو أي سطح آخر.

في الممارسة الحديثة، على الرغم من ذلك، يشير دليل الفنان غالبًا إلى أول عمل مكتمل مطابق للإصدارات المرقمة الأخرى. تم تطوير هذه المنهجية ببطء ودقة على مدار مئات السنين.

عندما ننظر إلى اللحظة الحالية - كيف تطورنا سريعًا من المطبعة إلى الصورة إلى الإنترنت - من الواضح أن الإنترنت قد أدخل مجموعة جديدة من التعقيدات عندما يتعلق الأمر بادعاء إثبات الملكية أو الحفاظ على أي شيء "أصلي".

في أوائل التسعينيات، دخلت شبكة الويب العالمية منازلنا - وللمرة الأولى على الإطلاق - يمكننا أن نجتمع مع بعضنا البعض عبر الحدود الجغرافية وتبادل المعلومات بحرية عبر شبكة عالمية. فجأة ، أصبحنا جميعًا ناشرين، وخاليين من التوقيعات. وبينما تم تطبيق مفاهيم مثل ملكية الممتلكات والتوقيعات على كيانات العالم المادي مثل الأعمال الفنية أو الأعمال أو عقود الإيجار، فقد تهربوا منا باستمرار في مساحاتنا الرقمية.

قدمت العلامات المائية وحقوق التأليف والنشر وإدارة الحقوق الرقمية وقانون الألفية للملكية الرقمية DMCA حلولاً خرقاء وغير دقيقة لتأكيد الحقوق الرقمية. ولكن في أواخر عام 2020 ، تم تقديم الرموز الغير قابلة للاستبدال NFTs للجمهور الأوسع.

تم إساءة تفسير مصطلح NFT ، وهو اختصار للرمز غير القابل للاستبدال، على أنه اختصار لمجموعة متنوعة من الموضوعات غير ذات الصلة، من صور GIF إلى العملات المشفرة إلى العروض ثلاثية الأبعاد اللامعة، أو مجموعات ضخمة من الرسوم التوضيحية PFP.

كوحدة تشفير لحفظ السجلات، يمكن اعتبار NFT مشابهًا للتوقيع أو الشارة. ما تقدمه NFTs للفنانين هو رمز بسيط للملكية الرقمية - يستخدم تشفير بلوكتشين لربط رمز مميز (يشبه إلى حد كبير شهادة المصادقة) بكائن رقمي، مثل عمل فني أو نص أو صورة فوتوغرافية.

يُنشئ سك NFT سجلاً يمكن التحقق منه علنًا وقابل للتتبع ، ويتم تخزين مصدره في سلسلة، وبالتالي من المستحيل عمليًا تزويره. على شبكة الإنترنت الموزعة على نطاق واسع ، والتي أصبحت هندستها المعمارية محددة سلفًا إلى حد كبير من قبل عدد قليل من عمالقة التكنولوجيا المتجانسين، أصبح لدى الفنانين الذين ينتجون الأعمال ويشاركون الإبداعات عبر الإنترنت الآن أداة للتحقق من أنهم أصحاب المحتوى الخاص بهم (وربما ، للمرة الأولى) ، بل يمكنهم تحقيق ربح من هذا المحتوى).

لقد تصور الفنانون طرقًا جديدة لتسجيل ومصادقة إنتاجهم الإبداعي المحتمل "غير الملموس" لعقود. على سبيل المثال، يمكننا أن ننظر إلى تاريخ الفن المفاهيمي: رسومات سول لويت الجدارية ، على سبيل المثال، تنسب فقط التعليمات الخاصة بكيفية صنع الأعمال ، أو "منطقة الحساسية التصويرية غير المادية" لإيف كلاين (1959) ، شكل مفصل المستندات الخاصة بحقوق الملكية لتفريغ المساحة.

في الآونة الأخيرة، تم استخدام عقد مبيعات موقع الويب الفني الرائد لرافاييل روزيندال (2011–14) للتحقق من بيع الأعمال الفنية المستندة إلى المتصفح، وكل منها مرتبط باسم نطاق معين. يوضح العقد تفاصيل نقل البيانات الإلكترونية وملفات المعارض اللازمة لتشغيل الموقع الإلكتروني لمالكه الجديد.

منذ وصول الرموز الغير قابلة للاستبدال NFTs، أشارت العديد من التدخلات الفنية إلى الهالة العامة للمشاعر المعرفية المرتبطة بإنشاء الأصول الرقمية البحتة وجمعها.

قدم داميان هيرست "العملة" (2021) مجموعة من 10000 NFT تتوافق مع 10000 عمل فني أصلي للفنان، كل لوحة "نقطة" فردية موقعة بعناية من قبل هيرست ومختومة بعلامة مائية وصغيرة وصورة ثلاثية الأبعاد.

لمدة عام واحد، يمكن للمشترين اختيار الاحتفاظ بـ NFT أو تداوله مقابل نظيره المادي. بعد عام، أي واحدة تركها المشتري دون مطالبة - اللوحة أو NFT - سيتم تدميرها. كانت نتيجة تجربة هيرست غير التقليدية ما مجموعه 4،851 NFTs و 5،149 لوحة تم الاحتفاظ بها.

فتحت العقود الذكية (التعليمات المشفرة المستخدمة لإصدار المعاملات على بلوكتشين ) والبيانات الوصفية ذات الصلة NFT المزيد من السبل للتدخل الفني والتوقيع.

تستخدم مجموعة NFT الاستفزازية من الفنان المفاهيمي رايدر ريبس RR / BAYC، عقودًا ذكية تحتوي على نفس عناوين URL المضمنة في العقود الذكية لمجموعة NFT باسم  نادي يخوت القرد الضجر  Bored Ape Yacht Club . تسخر مجموعة RR / BAYC عمدًا من سلسلة PFP الغزيرة الإنتاج وذات القيمة العالية ككل.

أضاف الفنانون أيضًا التوقيعات والصور والديكورات الفريدة الخاصة بهم لتخصيص العقود الذكية بأنفسهم ، في شكل فن أسكي ASCII. العمل المفاهيمي لريا مايرز ، "Is Art" (2014/15) هو عقد إيثريوم ‏ Ethereum تم توجيهه لإعلان نفسه عملاً فنيًا أو ليس عملًا فنيًا؛ تظل حالة العقد قائمة حتى يتم إرسال المعاملة التالية لتغييرها.

في صيف عام 2022 ، قدمت أنيكا ماير والمشغل سلسلة مفاهيمية بعنوان Unsigned ، والتي تضم مجموعة مختارة من التوقيعات من 100 فنان يُعرفون بأنهم نساء. يهدف المشروع إلى لفت الانتباه إلى الفوارق بين الجنسين المعروفة في عالم الفن.

وكما ذكرت هيلين جوريل في صحيفة الجارديان، تزداد قيمة الأعمال الموقعة من قبل الرجال، بينما تميل الأعمال الموقعة من قبل النساء إلى الانخفاض في القيمة بمرور الوقت.

كانت الرموز الغير قابلة للاستبدال NFTs هي موضع الكثير من التطوير والابتكار والإبداع المزعوم  إلى جانب المضاربة والضجيج والتقلب.

بدلاً من الوفاء بوعده الأولي بتخريب أو تحدي عالم الفن الحالي، أعاد سوق NFT إنتاج بعض من أعنف أوجه عدم التناسق. يتم تضييق هامش المشترين والبائعين الذين يجنون فوائد من هذه الاقتصادات الرقمية من خلال ديناميكيات القوة مثل الوصول إلى التكنولوجيا والمعرفة الوثيقة لاتجاهات السوق.

لقد وقع الوسيط الناشئ بالفعل فريسة للتعتيم والتلاعب في مجال يحكمه "الإثبات" والندرة. إذا كان الرمز غير القابل للاستبدال هو في الواقع التوقيع ، وليس العمل الفني ، فإن الكثير من قاموسنا الثقافي الحالي لا يفرق بين امتلاك الكائن وامتلاك الشهادة.

إذا قمنا بتصغير هذه الظاهرة ونظرنا إليها من منظور أوسع بكثير، فسيبدأ في الظهور أننا قد اتخذنا خطوة أخرى نحو التمويل المفرط للإنترنت وتوحيد الثروة. لكن في مكان ما عبر الأفق، بعيدًا عن كل الحماسة التخمينية، قد نبدأ في رؤية أثر للإمكانات في هذه الأداة الجديدة لتكوين الهويات، وإنشاء الملكية، وتعزيز أشكال جديدة من التعاون عبر الإنترنت.

بدأ العديد من الفنانين، من بينهم داميان هيرست ، وأنيكا ماير ، ورايدر ريبس ، وريا مايرز ، في تقديم لمحات عما قد يبدو عليه الأمر.