إكسبو 2020 دبي.
شارك عملاق كرة القدم الإيطالي نادي "إيه سي ميلان" في جلسة نقاشية خاصة عُقدت يوم الخميس، الثالث من فبراير، في ملتقى الإنسان وكوكب الأرض في إكسبو 2020 دبي. وكان النادي الإيطالي أعلن في سبتمبر الماضي عن عقد شراكة مع إكسبو 2020 دبي، أصبح بموجبها الحدث الدولي شريكا رسميا للفريق الذي يشتهر بلقب "الروسونيري".
وتحت عنوان "مستقبل كرة القدم، ودورها الاجتماعي، وأهمية إنشاء جيل جديد من الملاعب المستدامة: كاتدرائية جديدة في مدينة ميلان"، رحّبت الجلسة بثلاثة متحدثين ضيوف هم: إيفان غازيديس، الرئيس التنفيذي لنادي "إيه سي ميلان"؛ وكريستوفر لي، المدير الإداري لشركة "بوبیولوس"، التي تتولى تصميم الملعب الجديد لنادي "إيه سي ميلان"؛ وأحمد الخطيب، الرئيس التنفيذي للتطوير والتسليم العقاري في إكسبو 2020 دبي.
وعقب الجلسة، أجرى كريستوفر لي مقابلة تحدث خلالها عن خطط ملعب إيه سي ميلان الجديد المقرر إنشاؤه ليحل محل ملعب "سان سيرو" الشهير الذي يستخدمه الفريق في مبارياته بدوري الدرجة الأولى الإيطالي (سيريا آ)، كما تطرق إلى أهمية الاستدامة في الملاعب المستقبلية لكرة القدم.
هل لكَ أن تخبرنا عن ملعب إيه سي ميلان الجديد وكيف ضمّنتم عامل الاستدامة كعنصر جوهري في تصميمه؟
يحمل الملعب الجديد، الذي نعرض تصميمه، اسم "الكاتدرائية"؛ وهو بديل عن ملعب سان سيرو ويقع إلى جواره. وتمثل الاستدامة عنصرا جوهريا في تصميم هذا الملعب. على المستوى الشخصي، أرى أن الدرس الأهم الذي تعلمناه على مدار العامين الماضيين هو أن الاستدامة وكيفية التعامل مع بيئتنا يمثلان أهمية بالغة. وبالتالي فإننا لا نتعامل معه على أنه مجرد ملعب لكرة القدم، بل نراعي العديد من الخيارات الرائعة بداخله، بما في ذلك التهوية الطبيعية التي تأتي عبر تجويف قبل تبريد الهواء، وتوليد الطاقة الكهروضوئية، واحتواء جميع القطع التي يُتوقع استخدامها في إنشاء الملعب على أقل نسبة ممكنة من البصمة الكربونية، هذا بالإضافة إلى محيط الملعب الذي يضم رقعة خضراء على مساحة أكبر، مما يجعله بمثابة متنزه رياضي كبير وخال تماما من الكربون.
هل تأثرت في تصميم ملعب ميلان الجديد بمشروعات ملاعب كرة القدم التي نفذتها في السابق؟
أشعر بأنني محظوظ للغاية لمشاركتي في العديد من المشروعات الرائعة، بداية من ملعب الإمارات [الملعب الرئيسي لنادي أرسنال بالدوري الإنجليزي الممتاز، والذي يرتبط كذلك بشراكة مع إكسبو 2020 دبي]. كما أنني انتهيت في الآونة الأخيرة من تصميم الملعب الجديد لنادي توتنهام [هوتسبير]، وشاركت كذلك في إنشاء الملاعب التي استخدمتها البرازيل في بطولة كأس العالم لكرة القدم [فيفا 2014]، وملعب آخر في مدينة مونتيري شمالي المكسيك... وأعتقد أن هذه التجارب الثريّة على امتداد مسيرتي المهنية كمهندس معماري علمتني، أو ربما دفعتني لتجربة وضع تصميم معماري يناسب موقعا بعينه ويعكس ارتباطا ثقافيا وثيقا. وهذا متجسد بوضوح في ملعب ميلان الذي رُوعي فيه تصميم مبنى فريد لا يمكن تكراره في مكان آخر سوى مدينة ميلان.
شاركت شركة "بوبیولوس" في تطوير إكسبو 2020 دبي في مرحلة مبكرة، فهل استفدتم من هذه المشاركة في أي من الأعمال التي نفذتموها منذ ذلك الحين؟ والآن بعد أن رأيت الموقع في حلته النهائية، هل رأيت أشياء تعتقد أنها تمثل مصدر إلهام لتصميم ملاعب كرة القدم مستقبلا؟
لا شك أننا حصلنا على فرصة غير مسبوقة للمشاركة في المخطط الرئيسي لمفهوم موقع إكسبو 2020 دبي منذ الأيام الأولى. والعودة إلى نفس المكان بعد ست أو سبع سنوات تعد استثنائية – إنها مهمة مدهشة وتطوّر لا يصدق. أعتقد أن هناك الكثير من الدروس التي يمكن أن نتعملها في إكسبو. فالنهج المستدام الذي يتجسد في موقع الحدث هنا في دبي هو نهج استثنائي من حيث المنتج النهائي والتصميم المعماري، وكذلك من حيث الإنشاءات.
كيف يمكن لكرة القدم أن تحيل العالم إلى مكان أفضل؟
لقد أصبحت الرياضه بوجه عام، وكرة القدم بوجه خاص، ظاهرة عالمية. فهي الشيء الذي يربطنا ببعضنا البعض، سواء كنا في دبي أو ديربان، لأن جمهور الكرة حاضر في كل مكان، وهذه هي الفكرة التي تربط بين الشعوب. إن أكثر ما أحبه في كرة القدم هو أنها تمنحني شعورا بأنني جزء من مجتمع عالمي؛ وما أحبه في ملاعب الكرة تحديدا هو تلك المشاعر التي تنتابني عندما أكون جزءا من حشود ضخمة من 40 أو 60 أو 80 ألف مشجع يجتمعون على هدف واحد هو الاستمتاع بهذه اللحظات. وبالتالي فإن كرة القدم تمثل فرصة حقيقية لتوثيق الأواصر بين الشعوب، وهذا أمر لا يتكرر في حياتنا كثيرا؛ أن نشعر بالترابط الحقيقي بيننا وبين بقية أفراد مجتمعاتنا.
من وجهة نظرك، ما هي الطفرة القادمة في بناء ملاعب مستدامة لكرة القدم؟
ما لاحظته على مدار الأشهر الستة الأخيرة – وأعتقد أن هناك أثرا موازيا ومثيرا للاهتمام للجائحة العالمية – هو أن الاستدامة أصبحت تشكل أهمية بالغة بالنسبة لعملائنا في جميع أنحاء العالم. ولا أعني أنها لم تكن مهمة في السابق، لكنها الآن أصبحت ضرورة ملحة للعملاء وكذلك لمستخدمي المباني التي ننفذها.
وفيما يتعلق بالاستدامة في تطوير الملاعب، لا شك أنها أصبحت تحظى باهتمام بالغ أيضا. فبخلاف كثير من نماذج المباني الأخرى، إذا نظرنا إلى تطوير منزل أو مبنى مكتبي، فإن العوامل المهمة في هذه النماذج هي الاستخدامات المتعلقة بالتشغيل والأضواء الموفرة للطاقة وما إلى ذلك. أما العامل المهم في الملاعب فيتمثل في استخدام مواد بناء خفيفة الوزن، لأن الأمر يتعلق بنسب الكربون التي تحتوي عليها البنية الأساسية للمباني، بحيث لا تتأثر هذه المباني لمدة 40 عاما من الناحية التشغيليلة. وبالتالي فإن التطور الأبرز في الملاعب يكمن في كيفية إنشاء مبان أخف وزنا وأصغر حجما من ذي قبل باستخدام أقل مقدار ممكن من مواد البناء.
ومن الواضح أن هناك أمورا تمثل أهمية بالغة بالنسبة لنا في جميع الأوقات، مثل كيفية الحد من استهلاك الطاقة واستهلاك المياه وكيفية إنتاج الطاقة في الملعب، من حيث الاستدامة. لكن الأمر كله يتعلق في الواقع بتشييد الملعب من حيث الحد من مخلفات البناء وتقليل النفايات في المبنى نفسه.