تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



عندما يأكل الطهاة .. عن المطبخ اليابانى أتحدث


رضا محمد عبد الرحيم - مفتش بالآثار المصرية

عندما استيقظت اليوم، كان الضباب يلف الصباح ويبدو أنها استمرت تمطر ليلة أمس دون انقطاع. جمعتنى مائدة اﻹفطار بمجموعة من الطهاة بزيهم اﻷبيض الجميل وغطاء الرأس الوردى.

ودفعنى فضولى أن أسأل كبيرهم أن يسدى لىً النصح ما هى أفضل الأطعمة مذاقا على ظهر كوكب اليابان؟

 فأجابنى منتشيا:
كل الطعام اليابانى مذاقه لذيذ وفريد. وعندما ضيقت عليه الخناق بأن يختار لى فأنا غريب ونحن نوصم الغريب باﻷعمى فى تراثنا.. وهى حقيقة عايشتها بنفسى واختبرت صدقها!

قال: عليك بمرق داشى فلا يمكن تصور الطعام اليابانى بدونه. فاستفسرت عن مكوناته ليطمئن قلبى، فرد على ببساطة:
إنها تتكون من نوع من الأعشاب البحرية وهو مبشور سمك "كاتسو- بوشى"

ينبت مجفف بالتسخين، و"شيتاكى "وهو أيضا نوع من الفطر المجفف.

وهذا المرق ﻻ تستخدم فيه أى دهون لذلك فهو يختلف عن الحساء المستخدم فى الأطعمة الغربية أو حساء "تانغ "المعروف فى المطبخ الصينى.

ومع عدم إدراكى لمعنى بعض الكلمات وكذا نكهة كل المكونات بالكلية أومأت له برأسى بإيجاب الفاهم الخبير، وتناولت ملعقة واحدة – لأنى فشلت فى استخدام العصا مثلهم- وأغلقت فمى وانصرفت مبتسما برضى.

فقد تعلمت هنا - فى كوكب اليابان أن تصحيح اى فعل خطأ إن حدث- يكون بابتسامة عذبة، وصوت خفيض. فهم ﻻ يعرفون نهرا وﻻ زجرا وﻻ تأنيبا وﻻ تقريعا!

يقول نوزاكى هيروميتسو وهو الطباخ التنفيذى بمطعم واكيتوكو- ياما وهو مطعم درجة أولى فى طوكيو يتخصص فى الأطباق اليابانية التقليدية: أحد الصفات المميزة للطعام اليابانى التقليدى هو النكهة الخفيفة بحيث تحافظ على الطعم الحقيقى للمواد المكونة للطبق، فمثلا فى الحساء الشفاف أو سويمونو يتم إسقاط مبشور سمك "البينيت" فى الماء بعد بشره مباشرة وإلا حصلنا على طعم أقل جمالا، وفى الأطباق المطبوخة نضع مرق داشى خفيف لإبراز طعم المواد المطبوخة،  وأهم شيء هو تحقيق نوع من التوازن بحيث لا يكون المرق ضعيفا جدا وفى نفس الوقت يجب ألا يكون قويا بدرجة تجعل مذاقه يطغى على الطعم الأصلى للمواد المطبوخة.

ومن الأطباق الشهيرة التى تنال إعجاب اليابانيين وغيرهم من الوافدين على اليابان طبق "الصوبا" الشهير الذى يشبه طبق المكرونة الأسباجيتى مع الفارق، ويرجع تاريخ أطباق "الصوبا" اليابانية التقليدية إلى عصر "إيدو" قبل أربعة قرون تقريبا. وتعنى كلمة صوبا باليابانية الحنطة السوداء، وهى ليست حنظة أو قمحا حقيقيا لكنها ألحقت بالحبوب وتطحن الصوبا ومن دقيقها يصنع طبق الصوبا، وقد يضاف لدقيق الصوبا، قليل من دقيق القمح الأبيض لخفض سعر الأطباق، فطبق الصوبا الخالص يكلف أحيانا ضعف ثمن طبق الصوبا المضاف إليه دقيق القمح الأبيض .
وللصوبا نقابة رسمية تشرف على المطاعم المنتشرة فى طوكيو وكيوتو وغيرها من مدن اليابان!!
 فى حين أننا ولا عجب كأثريين فى مصر بلا نقابة حتى الآن!!

وتنظم وزارة الزراعة اليابانية مسابقة كأس العالم للسوشى منذ عام 2013م، حيث يقف 27 طاهيا أمام عشرين عضوا فى لجنة تحكيم سنويا، ويحاول كل طاه أن يفوز بالكأس وسط عدسات المصورين اليابانيين والأجانب.

وفى عام 2016م نشر موقع بى بى سى تقريرا مطولا حول انتزاع طاه برازيلى الكأس بعد منافسات شديدة فى إعداد الطبق اليابانى الأشهر.

ونجحت اليابان فى أن تجعل من السوشى –الذى بدأ إعداده فى العصور القديمة حين كان يُترك السمك ليتخمر.. ثم جرى تطوره إلى السوشى المعاصر- أحد معالم اليابان العالمية، وصورة بارزة من صور القوة الناعمة.

أصبح السوشى الذى بات سفيرا للثقافة الاجتماعية، ونمط الحياة اليابانية..  موجودا فى كل مكان فى العالم، وعلى الرغم من أن السوشى لا يعد طعاما مقبولا لدى الكثيرين -وأنا منهم- غير أن اليابان قد نجحت فى أن تمرر ثقافة السوشى ببطء، وأن يزحف بهدوء..  لينجح فى سنوات قليلة فى غزو العالم. وزادت أعداد مطاعم السوشى خارج اليابان من 55 ألف مطعم عام 2014م إلى 90 ألف مطعم عام 2015م، إلى أكثر من 100 ألف مطعم سوشى خارج اليابان عام 2017م.

وفي اليابان، نادر جداً وجود قطع السوشي الملفوفة بالأرز، إذ لا يحبذ اليابانيون مزج السمك الطازج مع مواد تطغى على طعمه.

وفى عام 2013م وضعت منظمة اليونسكو السوشى ضمن قائمة الحفاظ على التراث الثقافى..  وهو ما رسخ الطعام اليابانى خارج الحدود.

ومما قرأت حديثا أن دولة اليابان تُعد أكبر دولة فى العالم فى استيراد المنتجات الزراعية، تستورد 58 مليون طن من الغذاء كل عام ولكن يقال إن ثلث هذه الكمية - حوالى 31 مليون طن- يضيع هباء!

وهذا لا يتسق مع عقيدة "الكايزون" وهى الإيمان باستثمار كل شيء أو ما يعرف بـ(المرتاى تاى) أى سياسية المحافظة على أصغر الأشياء، مهما بدت صغيرة بلا قيمة، فالقطرات القليلة تصنع جدولا، كما يقول المثل اليابانى.

تاريخ الإضافة: 2018-07-18 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1034
1      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات