بقلم معالي الشيخ / حسين عرب
وزير الحج والأوقاف الأسبق بالمملكة العربية السعودية
الأمير كمال فرج شاعر مبدع له إسهاماته في الميدان الشعري، وفي الوقت الذي تغمر موجة الحداثة وقصيدة النثر مجموعة من الشباب لسهولتها يأتي هذا الشاعر ممسكاً بعمود الشعر ووزنه وقافيته ليعلن للناس أن السليقة العربية بخير، وأن عشاق الشعر الصحيح المليح ما يزالون رغم كل ما قيل ويقال عن انتهاء زمن الشعر العربي الصحيح الفصيح.
ولا أدري سبباً يتيح لهؤلاء المنادين بانتهاء زمن الشعر العمودي؟ وكيف يفكرون ..؟
الشاعر أيها السادة يولد شاعراً مزوداً بموهبة ضبط الوزن الذي تنتهي به القافية، وهذا صنع الله في عيادة الشعراء، فهل تستطيعون محو ما خلق الله من مواهب فطرية أودعها في بعض خلقه..؟
يقولون أن الوزن قيد، والقافية صعبة! ، ومن كلفكم بالوزن والقافية سوى أنكم تريدون أن تكونوا شعراء دون أن تخلقوا شعراء.
وهل عجز الشعراء الموهوبون منذ بدء الخليقة حتى الآن عن الوزن والقافية، وما هي قيمة الشعر إن لم يكن موهبة ..؟ اذهبوا إلى النثر ففيه غناء على الوزن والقافية، ولم يلزمكم أحد على أن تكونوا شعراء، وفي النثر مجال واسع، ولا أئمة ورواد فيه كأئمة الشعر وروداه .
إن الذي دعاني إلى هذه الكلمات هو مطالعتي لديوان الشاعر الأمير كمال فرج الذي لم يخطئه الوزن ولم تعجزه القافية متمسكاً بهما محافظاً عليهما ولم تغره سيطرة الشعر المنثور، وقصيدة النثر، وشعر الحداثة والتفعيلة وغير هذه الأسماء على التنكر لفنه ودحر موهبته الفطرية الأصلية.
إن ديوان الشاعر الأمير كمال فرج وغيره مما يصدر من الشعراء الأصليين هو أقوى رد على دعاة الحداثة وما هم بمحدثين، ولكنهم متنكرون أو عاجزون يتمسكون بالأوهام، يريدون أن يخلقوا شيئاً من لا شيء.
تداعت في ذهني هذه الخواطر وأنا بصدد كتابة مقدمة لديوان الشاعر الأمير كمال فرج وقد آثرت أن تكون مختصرة لا تستدعي التعريف بالشعر والشاعر، بل تكون كلمة معبرة عن تقديري للشاعر الذي التزم بعمود الشعر، وتنم قصائده على شاعريه أصلية متمكنه مع ما يصاحبها من روح المداعبة والمفاكهة في بعض القصائد وهي ميزة أخرى تضاف إلى ميزات هذا الشاعر المبدع، وقد تجولت بين دفتي الديون وقد رأيت أن أنقل للقارئ بعض أبياته الجميلة.
يقول الشاعر في قصيدته (حضر الربيعُ):
حضرَ الربيعُ فأنشد الغرَّيدُ
وتراقصتْ بينَ الغصونِ ورودُ
وتمايلت كلُ القوافي واعتَلى
وجهُ الزمانِ تبسمُ وخلودَ
خرجتْ طوابيرُ الشموس قوافلاً
في الأفْقِ تحفلُ بالهوى وتشيدُ
لبستْ ديارُ الحَي أحلى حلةً
وهفا إلى سمعِ الزمانِ نشيدُ
ويقول في قصيدته (شاطئ الحب) :
على شاطئِ الحبِ شطُ (جليمْ)
جلسنا بمخضلةٍ من نسيمْ
أنَا والحبيبةُ والبحرُ يرنو
ويبسمُ يشدو بصوتٍ رخيمْ
ويلمعُ كالماسِ وجهُ المياه
ويسمو فينفُضَ عَنا الهمومْ
وهدهدةُ البحر دُفٌ رقيقٌ
وشمسُ الشواطئِ أم رؤوم
ويصدح كُورنيشنَا لليالي
بأغنيةٍ من زمانٍ قديمٌ
ويقول في قصيدته (حزن الحنطه) :
معذرة يا قلبي إنَّي
أدمنتُ جميعَ الأحزان
قد خضتُ البحرَ ولكنَّي
لا أعرفُ بُعدَ الشطآنِ
وتلاقت عينانا صبحاً
وتمردَ سيفي عاداني
أغرقني الجذرُ بعينيها
والمَدُ أطاح ببنياني
فانفلتَ السهمُ إلى قلبي
وانغرسَ بلحمي وكياني
وأنا إذ أنقل للقارئ هذه الأبيات من الديوان أعرف أن هذه ليست مقدمة للديوان بل تقديم للشاعر، وأترك لزملائي النقاد والباحثين دراسة وتحليل الديوان، مع تمنياتي للشاعر بالمزيد من التفوق والإبداع.