ما رأيك في صداقة الرجل والمرأة..؟، هل تؤيدها .. أم ترفضها ..؟ .. ولماذا ..؟، الرأي التقليدي المتكئ على المواريث القديمة هو الرفض .. نعم فمعظم من سيطرح عليهم هذا السؤال سيرفضونه حتى قبل أن تنهي عبارتك، فالمرأة والرجل في الموروث القبلي أشبه بالزيت والنار.. شرق وغرب .. ملاك وشيطان .. هوة كبيرة تفصل بينهما، وميراث العيب الذي تربينا عليه جميعا عمق هذه الهوة، فالولد ولد والبنت بنت، والخطر كل الخطر يكمن في اجتماعهما معا، وقد وصل ذلك إلى حد أن بعض الأسر تنهر أولادها الصغار إذا وجدتهم يلعبون مع البنات الصغار.
ولكن إذا نظرنا حولنا سنجد – ويا للتناقض- الأنثى في كل مكان .. زميلة في الدراسة، وزميلة في العمل، هي الجارة، والمسئولة، والموظفة، والبائعة، والمدرسة، والفلاحة، والوزيرة، هي ابنة العم وبنت الخال وصديقة الأخت .. وغيرها..، المرأة جزء لا يتجزأ من المجتمع، لا نستطيع تجاهله أو مقاطعته .. وعلى رأي عمنا صلاح جاهين: البنــــت زي الولـــــــد ماهيــش كمالـــة عــدد فـي الاحتمــال والجلـــد مـذكـورة فـي المعجــزات
هي قطعة من نسيج المجتمع إذا حاولنا فصلها عنه سنجرح المجتمع ونمزقه، والواقع والفطرة يحتمان علينا التعامل معها .. فما هو الحل إذن..؟، لا أهدف من ذلك مناقشة قضية الاختلاط والانفصال بين الرجل والمرأة في المجتمع التي لم تزل – حتى الآن- تناقش في بعض المجتمعات، ولكني أناقش علاقة اجتماعية غاية في الأهمية بين عنصري الحياة .. الرجل والمرأة.
إنني بالطبع أقرأ وأؤمن بنظرة الدين الصحيحة التي تجلت في الحديث النبوي الشريف الذي يقول: "ما اجتمع رجل وامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما" .. ولكن .. لماذا تكون النظرة الأولى بين الرجل والمرأة نظرة خاطئة؟ أكرر لماذا؟ .. والمرأة هي نصف الدين ونصف المجتمع، هي المودة والرحمة، صانعة السعادة ومربية الأجيال، لماذا تكون النظرة الأولى أو حتى الثانية أو الثالثة نظرة فاحشة، ولماذا لا تكون النظرة .. نظرة محترمة لا تتخطى حدود المبادئ والأخلاق ..؟.
أعلم أن الرجل الشرقي عموماً لم يزل ينظر للمرأة كجسد وشكل في الوقت الذي لا ينظر فيه إلى عقلها، وأن الشيطان اتخذ المرأة أداة للغواية، وقد كانت سببا في نزول جدنا آدم عليه السلام من الجنة إلى الأرض .. أي أنها السبب فيما نحن فيه الآن .. من مشقة ووجع دماغ.
ولكن في إطار ما تمليه علينا الشريعة .. وفي إطار الخير الذي أخبرنا النبي الكريم بوجوده في الأمة إلى يوم الدين نريد حلا ..، يجب أن نعلي من قيمة المرأة في أعيننا .. يجب أن تتجاوز نظرتنا إليها فستانها وجمالها وكعبها العالي إلى عقلها ووجودها وكيانها في الحياة والمجتمع.
لماذا لا تكون المرأة صديقة .. نعم صديقة .. نكن لها نفس الشعور الذي نكنه للأخت، ولماذا لا يكون الرجل صديقاً تكن له المرأة شعور الأخ؟ . لماذا لا نعلي من قيمة الصداقة بين الرجل والمراة..؟، لماذا ننفر منها ونرتعد أمامها، ونحمل لها كل هذه الهواجس؟
لا أقصد بالصداقة بين الرجل والمرأة .. كما نجد في الغرب ما بها من انحلال وفوضوية، أو صداقة كالتي بين الرجل والرجل بها ما بها من انطلاق وسفر وسهر وصعلكة، ولكن بوسعنا أن نجد صيغة للصداقة بين الرجل والمرأة لا تتعارض مع المبادئ والأخلاق.
حتى إذا سميتها اسماً غير (الصداقة) التي ترتعد لها النفوس بالفطرة، صداقة تحت رقابة الأسرة .. الأب أو الأم أو الزوج أو الأخوة .. صداقة ليس فيها كل ما حرمه الشرع من خلوة أو خروج عن الآداب .. صداقة ليس فيها كل ما حرمه الشرع من خلوة أو خروج عن الآداب .. صداقة تفرض الاحترام فرضاً على الطرفين .. صداقة تعمم من صداقة الأنثى المفردة إلى صداقة العائلة.
لو نظرنا حولنا سنجد نماذج إيجابية عديدة لهذا النوع من الصداقة المشيدة تحت رقابة الأهل والمشيدة بالانتقاء الأخلاقي للطرفين.. ولنعلم جيدا أن التربية هي الأساس .. فالشاب إذا تربى جيداً على النظرة المحترمة للفتاة، والفتاة إذا تربت على نفس النظرة للشاب فإننا سنكون بذلك قد حققنا الكثير.
إن الصداقة الإيجابية الملتزمة بين الرجل والمرأة والموجودة تحت الضوء أفضل من الصداقات الخفية السلبية التي لا يعرف أحد يعرف أحد نتائجها، وقديما قلت : فكلام النور أحلى من كلام في الظلامِ
الواقع يقول أن المجتمعات التي تمنع الاختلاط بين الرجل والمرأة لم تنجح في القضاء على الرذيلة، ففصل الزيت عن النار لم يمنع من اندلاع الحريق، وربما أدى في بعض الأحيان إلى زيادته، لذلك فالحل الوحيد هو نشر الفضيلة.
لو وضعنا هاجس الخطأ بين كل رجل وأنثى لتعبنا كثيرا، وتحولت حياتنا إلى جحيم، وفي حياتنا الاجتماعية علاقات متداخله محترمة لا يمكن تجاهلها كعلاقة الشاب مع زوجة الأخ، وعلاقة الشابة بزوج الأخت وغيرها..، وهي جميعها علاقات أخوة ليس فيها ما يشين، يجب أن نزرع داخل أبنائنا مبادئ التربية الصحيحة لأنها الأساس في أي علاقة إنسانية.
أدعو إلى الصداقة الإيجابية بين الرجل والمرأة التي تبنى على التربية الصحيحة والانتفاء والاحترام .. والضوء، لا الصداقة العشوائية النامية في العتمة، تصور لو أن لك أختاً، يمكنك أن تكتسب بذلك أخوات أخريات، وتصوري .. لو كان لك أخِ، يمكنك أن تكتسبي بذلك أخوة آخرين.
كفى ارتعاشاَ وخوفاَ من ثنائية "الرجل والمرأة"، وكفى ترديداً لأسطورة "الذئب والحملان"، فالفضيلة ليست شكلاً وإنما هي الجوهر بعينه، .. والتربية ليست فصلا شكليا وخوفاً وتوجساً .. التربية .. تربية النفوس ..
تاريخ الإضافة: 2014-04-28تعليق: 0عدد المشاهدات :1445