الكرم والسخاء والجود صفات عربية لا يختلف إثناء على محاسنها، وهي صفات نرى عكسها في بعض بلاد الغرب، حيث توجد تقاليد تناقض هذه المعاني تماما.
فعند الإنجليز مثلا لا يوجد في التعاملات اليومية حكاية أن تدفع للزميل أو الزميلة ثمن وجبته ـ أو وجبتها ـ في المطعم، فكل يدفع لنفسه، وهذا شيء عادي جدا. حتى أننا في تعبيراتنا الدارجة نلقى وصف "إنجليزي" عندما نود أن نطبق معادلة "كل فرد يدفع لنفسه".
نفس الأمر يحدث في دول أوروبية كثيرة، وهو تصرف لا يسبب الحرج، بل أن الحرج يبدأ عندما تبادر كعربي بمحاولة دفع ثمن الوجبة لزميلين أجنبيين، عندها سينظران لك نظرة مستغربة، وكأنك وجهت إليهما الإهانة، أو كأنك ـ ولا مؤاخذة ـ "عبيط".
رغم ذلك ليس من اللائق أن ننفي صفة الكرم عن الشعوب الأخرى، ولكننا لا نرى الكرم بمثل هذا الوضوح الذي يصل إلى حد الالتزام والشرف إلا في أمة العرب، وقد ارتبط الكرم بحاتم الطائي الذي يضرب به المثل في الجود و الكرم، حتى أننا نصف الكرم عندما يتجسد أمامنا بـ "الكرم الحاتمي".
الكرم صفة إنسانية جميلة، ولكنه أحيانا يزيد عن الحد، ليصل إلى مرحلة تثير الاستغراب والإشفاق. خاصة عندما يكون الكرم في غير محله، بزيادته عن المألوف من ناحية، أو بتقديمه لمن لا يستحق من ناحية أخرى.