تحرص الكثير من الأسر على أمن المنازل خوفا من اللصوص، فتضع القضبان الحديدية على الشبابيك، والمزاليج القوية على الأبواب . خاصة مع تزايد جرائم السطو ووصول الجرائم إلى حدود بشعة، وتنفق الشركات الملايين سنويا على قطاع الأمن، وتستعين بشركات الحراسة المتخصصة، وتستورد كاميرات المراقبة الحديثة، وتستعين بالبوابات الألكترونية.
أما المشاهير فيلجأون إلى السيارات المصفحة والحراس الشخصيين مفتولي العضلات "البودي جارد"، وبعضهم يستقدم هؤلاء من أوروبا وأمريكا، وقد تحدثت تقارير عن تضاعف أرباح شركات الأمن في السنوات الأخيرة.
ذلك كله يؤكد أن هاجس الأمن قد ازداد بشكل مخيف، وتزايدت أعداد الذين يخافون من الظلام، حتى أن البعض يخاف من ظله ..، وتفشت عادة التجسس، حتى أن البعض أصبح ـ كالأرنب المذعور ـ يوزع كاميرات المراقبة داخل بيته، وذلك ما لم يكن موجودا في الماضي، فقد كان التاجر في الماضي يترك محله مفتوحا ويذهب للصلاة، وكانت الأسر الريفية تنام وتترك باب البيت مفتوحا. حتى البيوت كانت بسيطة متلاصقة لا تعرف سطح هذا المنزل من ذاك، فما الذي تغير.. هل الجريمة تطورت.. أم الإنسان نفسه قد تغير.؟.
اختفت العفوية وانتهت البساطة، وتراجعت القيم الروحية، وطغت القيم المادية القبيحة ، فتعقدت الحياة وأصبحت كالخيوط المتشابكة، وبات الخوف هو المحرك للكثير من أفعالنا، الخوف على الأبناء، الخوف على الرزق، الخوف من المستقبل، الخوف من الخوف نفسه، فغابت العفوية والقناعة وطمأنينة النفس، وتعاظم الخوف والارتياب.
كاميرات المراقبة ونظم الأمن الحديثة ليس بوسعها أن تمنع الجريمة، الخلل موجود داخل ذواتنا .. والحل هو قتل وحش الخوف حتى تعود الطمأنينة للأنفس المذعورة.