تميز تراثنا الاجتماعي والأدبي بـ "الحب العذري"، وهو الحب العفيف المنزه عن المثالب والأخطاء، وقد نسب هذا اللون من الحب لقبيلة عذرة في أيام بني أمية، والشاعر العذري يحب محبوبته ولا يلتقيها، يعتمد على الإخلاص والوجد والعاطفة النبيلة، ونتج عن هذا اللون من الحب الغزل العفيف الذي يعتمد على الوصف الوجداني الذي يصف الروح دون الجسد.
والحب عاطفة إنسانية نبيلة قدرها الإسلام كصفة إنسانية، وأقر بأنها مشاعر لا إرادية خارجة عن سيطرة الإنسان، ولكنه وضع لها القواعد التي تهذبها وتجعلها قادرة على بناء المجتمع المسلم، وتكوين الأسر السعيدة.
والناظر لواقع الحال في حياتنا المعاصرة سيكتشف أن كلمة "الحب" بمعناها السامي الرفيع قد ابتذلت وأصبحت كلمة مشبوهة مقترنة بالغواية والانحلال والزنا وغيرها من المعاني الذميمة، وظهرت باسم الحب الكثير من الفواحش والجرائم والأعمال الغير أخلاقية . لقد أصبح الحب علاقة بين شاب وفتاه دون ضوابط، مما يعرض هذه العلاقة في بعض الأحيان إلى المزالق والأخطاء، وقد دفع ذلك الكثيرون إلى التوجس من الحب، بل أن البعض بالغ واعتبر أن الحب يتنافى مع الإسلام.
اختطف "الحب" كعاطفة إنسانية لا يمكن أن يعيش بدونها الإنسان؟، وأصبح صفة ذميمة يتجنبها الناس، فكيف نعيد للحب مكانته؟، وكيف ننقد الشباب الموزع بين الحب كعاطفة وغريزة، وبين المغريات العديدة التي تحاصره في الفضائيات والإنترنت والمجتمع؟.
الحل يكمن في إعادة إحياء "الحب العذري" .. الحب الذي لا يهدم دينا أو أخلاقا، والذي يكون دافعا للالتزام والخلق والعمل للفوز بالمحبوبة، الحب الذي يعنى دخول البيوت من أبوابها، والسعي لتتويجه بالزواج.
بالحب العذري وبهذا المعنى الأخلاقي الذي يتضمنه سنحارب أشكالا عدة من الفواحش والإنحلال. وننقذ "الحب" من القراصنة .