مشهد الحجيج في مكة المكرمة يفرح العين، ويشرح القلب. أمواج البشر التي تطوف حول الكعبة كعقود اللؤلؤ، تثير البشر والحبور في النفوس العليلة، وتثير إعجاب العدو قبل الحبيب، وعندما يصعد الحجيج إلى جبل عرفات، ينهض الدم في العروق، وتغمر الوجدان نشوة روحية.
في الحج يتجمع ملايين المسلمين في مكان واحد وزمان واحد، ترك كل منهم الأهل والولد والأعمال، جاءوا من بلاد مختلفة العادات واللغات والمذاهب، جمعتهم وحدة العقيدة . يجمعهم الهدف نفسه والحلم نفسه.. الحج المبرور الذي ليس له جزاء إلا الجنة.
ولكن رغم الفرح، تصعد إلى الروح غصة دامية، فهذه الوحدة الفريدة التي يمثلها الحج، لم تتحول بعد إلى واقع معاش، ففي الوقت الذي تجنح فيه الأمم إلى التكتلات، ونشهد كل يوم خطوات عالمية نحو الوحدة، مازال المسلمون دولا وفرقا ومذاهب.
العبادات تعبير جسدي وقلبي، والأعمال بالنوايا، و"الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل"، وقبل أن تتحرك الأجساد، يجب أن تتحرك الجوارح، والحج رمز لأعظم وحدة، وهي وحدة المسلمين، ولكن ما يحدث كل عام، أن الصورة الجميلة تتشكل، وتلاشى بعودة الحجيج، وتظل لوحة الفسيفساء ناقصة، وتظل الأحلام مؤجلة.
يجب أن نعي المعاني والدلالات التي تعبر عنها العبادات، وأن نستفيد من دروس الحج، ومن هذه الدروس الوحدة الإسلامية.