لم تأخذ كلمة هذا الحيز الكبير من التداول والجدل مثلما أخذت كلمة "الحرية" ، وإذا أجريت عملية search على الإنترنت حول هذه الكلمة ستكتشف أن هذه الكلمة في صدارة الكلمات المتداولة، بين كلمات أخرى مثل "الحب" والجنس" و"الأطعمة".
على صعيد السياسة شغلت هذه الكلمة الساسة والشعوب، ووقعت تحت شعاراتها العديد من الإعتداءات والأحداث الدامية، وفي المجال الاجتماعي تعتبر "الحرية" إحدى القضايا المثيرة للجدل على نطاق الأسرة والعلاقة بين الزوجين، ونقطة خلاف رئيسية في صراع الأجيال، وقضية محورية عندما نتحدث عن المرأة منذ قاسم أمين وحتى الآن، وعلى الصعيد الفني الجدل لاينتهي حول قضية الرقابة على الإبداع، والشد والجذب مستمر بين المحافظين ودعاة الحرية، خاصة مع الانفتاح الفضائي الذي جعل العالم "شاشة صغيرة".
لا نعترض على تداول كلمة "الحرية" ، ولا أن تكون "بابيونة" يضعها كثير من المثقفين، ويتشدق بها من يعلم ومن لا يعلم، ولكن المشكلة الحقيقية أن معظم من يتحدثون عن "الحرية" لم يقدموا تفسيرا واضحا لها، البعض يتطرف ويرى الحرية أن تمشى عاريا في الشارع، والبعض الآخر يتزمت ويقصرها على حرية "الهرش".
لقد ابتذلت "الحرية" مثلما ابتذلت كلمات أخرى عديدة في حياتنا، وأصبحت أفيونا لتبرير الأحلام التي لا تجيء، وركاما من الفلين الذي لا وظيفة له سوى ملء الفراغ، ومادة حديثة للنصب على الأمم والشعوب.
بشرنا البعض بدجاجة الحرية التي تبيض ذهبا، فتركنا أعمالنا ومصالحنا لنراقب الدجاجة، وبعد سنوات من المراقبة المستمرة اكتشفنا أن الدجاجة المصونة "ديكا".
وفي ظل غياب تفسير حقيقي لمعنى الحرية وطغيان التفسيرات الملأى بالتناقضات التي تحركها المصالح الشخصية والنوايا غير الطيبة. تبرز الحاجة إلى تقديم تفسير إسلامي عصري للحرية، يعكف على وضعه العلماء المسلمون، مستعينين في ذلك بالعلوم العصرية وفقه السياسة والتغيرات العالمية.
ننتظر تفسيرا منطقيا مقنعا للحرية، بدلا من أن نظل هكذا عرضة للجهلاء والنصابين من الشرق والغرب في بلاد الله الواسعة.
تاريخ الإضافة: 2014-04-17تعليق: 0عدد المشاهدات :1258