أشفق حقيقة على الصغار الذين يطالعون يوميا ـ شاءوا أم أبوا ـ نشرات الأخبار، بما تتضمن من قتل وتدمير ومصطلحات سياسية، وأتساءل ما هو تأثير هذه الثقافة المروعة على عقول الصغار.
أعلم أن الصغير بطبيعته العقلية نموذج محايد، لا يستطيع التفريق بين الخير والشر، الصواب والخطأ، ولكن لا يختلف إثنان على أن ما تقدمه نشرات الأخبار، ـ والقسم الأكبر منه أخبار سوداوية عنيفة ـ سيكون له تأثير سلبي على الطفل فيما بعد.
لا أطالب بمنع الصغار من مشاهدة نشرات الأخبار، لأننا سنكون بذلك أشبه بالنعامة التي وضعت رأسها في الرمال، ولكن ما أريده نوع من الثقافة السياسية المبسطة يقدم للصغار.
"التطبيع ، الاستحقاق الرئاسي، الديمقراطية، المقاومة، الإرهاب، الصهيونية"، وغيرها من المصطلحات التي يسمعها الصغار ، ولا يعرفون معناها، من الممكن جدا تبسيطها وشرحها للأطفال بأسلوب وأمثلة بسيطة.
في ظل الانفتاح الإعلامي الهائل الذي حدث، أجيالنا الجديدة معرضة لضياع الهوية، لذلك فإن تحصين الصغار بمباديء من الثقافة السياسية، يمنحهم قدرة على فهم ما يدور حولهم، ويعطيهم مناعة ضد التغريب والتطرف واللاهوية.
عندما كنا صغارا كانت توجد مادة اسمها "تربية قومية " ، أو "تربية وطنية"، لا أدري أين ذهبت في المناهج الحديثة، هذه المادة كانت تقدم للتلاميذ في الصفوف الأولية مباديء أساسية حول الوطن والمعاني التي تتعلق به مثل الإنتماء، والعقيدة والشعب وغيرها من المعلومات الأساسية المهمة.
إنني أدعو للعمل على تقديم مباديء وطنية وسياسية للطفل، يعرف من خلالها هويته وجذوره والقضايا المهمة التي تتعلق بوطنه وأمته، ليكون ذلك نوع من التربية السياسية التي لا تقل أبدا أهمية عن التربية الاجتماعية.