الإنسان العربي شخصية عاطفية، سريعة التأثر، يحب بـ "نظرة"، ويكره بـ "الشلوت"، تجمعه الأزمات، وتفرقه مباراة كرة قدم، لذلك تفوقنا في الشعر والأدب، وفشلنا في المخترعات الحديثة، ولذلك أيضا خسرنا الكثير، فعندما تحضر العاطفة، يغيب العقل وردة الفعل الحكيمة، وتتوقع أسوأ القرارات.
ورغم أن المنطق يقول أن القيمة هي المعيار الأساسي الذي يحدد الصواب والخطأ، فإن العربي لديه معايير أخرى كالعقيدة والمواطنة والجهوية والقبيلة والقرابة والعائلة و"الحتة" والشلة، تماما كما يقول المثل "أنا وأخويا على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب"، ولم يسأل الذي اخترع هذا المثل العجيب نفسه : هل أخوك الذي تؤيده على خطأ أم صواب؟.
لذلك كثرت في حياتنا الاجتماعية ظواهر غريبة غير موجودة في مجتمعات أخرى كالواسطة والمحسوبية والمجاملات والانحياز والموالاة والشللية، وقد استغل أعداؤنا ذلك أحسن استغلال، فلعبوا على ملفات ساخنة كالطائفية والقبلية والقومية، وشغلونا بألعاب الأطفال عن السفر إلى النجوم.
الحب أعمى، والطيبة والعشم والنخوة والفزعة والقرابة والشهامة والجيرة والعزوة والانتماء والجنسية و"الصحوبية"، كلها صفات حميدة، ولكنها عندما تطغى على الرؤية الموضوعية للأشياء ، فإنها تصبح "سذاجة"، وهو وصف مخفف للفظة أخرى هي "العبط".
قال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم "الحكمة ضالة المؤمن، أنى وجدها فهو أحق بها"، فلا تتكلم قبل أن تستمع ، ولا تتخذ قرارا إلا بعد النظر في كافة التفاصيل، وعندما تحكم يجب أن تكون القيمة المجردة هى المعيار الأساسي والوحيد للحكم على الأشياء.