المقالة فن قديم قدم البوح والتجربة الإنسانية، نزيف من الفن الجميل، سيف في الخاصرة، جهاد مستمر لكي يكون العالم أفضل..، ظهرت صورتها الحديثة مع نشأة الصحف والمجلات، وساهمت على مر العصور في بناء الفكر الإنساني، وتطوير المجتمعات.
وتتميز المقالة بأسلوب خاص، فهي تختلف عن التقرير الصحفي، والخواطر الشخصية، وموضوعات التعبير المدرسية، فهي مزيج من الشعر والنثر والقصة والخطابة والتحقيق البوليسي، والنقد ، والتاريخ والجغرافية.
وكاتب المقالة يجب أن يتصف بالشرف والحكمة، ويتميز بالثقافة والإلهام، وقد ظهر على مر التاريخ فرسان ملكوا ناصيتها، وفي المقابل هناك أدعياء يدعون وصلها، ولكن ( كل يدعى وصلا بليلى / وليلى لا تقر لهم بذاكا).
هناك من يبدع المقال بسهولة فتأتي الكلمات طيعة كعاشقة وجدت حبيبها بعد طول فراق، وهناك من يغلق على نفسه الأبواب، ويعلن حالة الطواريء كأنه يخترع الذرة، يحزق بشدة فتخرج الكلمات وهي تلهث من الضعف والتعب.
والصدق أهم دعائم المقال، فمهما تميز الكاتب وتعددت مهاراته، وطافت شهرته الآفاق، فإن خلا ما يكتبه من الصدق، أصبحت المقالة كنشرة الأرصاد الجوية، كالماء بلا طعم أو رائحة، باردة كقطع الثلج، مفتعلة كالنكتة الخائبة .
والمقالة الحقيقية لا تتقادم أو تتقاعد، سواء نشرت في مجلة حائطية أو مطبوعة أو صفحة ألكترونية، تظل دائما ساخنة مؤثرة كالشمس، قوية كالطلقة، حادة كالمشرط، صادقة كدعاء الأمهات، قادرة على أداء دورها في التنوير والكشف والتوجيه، ومع التطور التقني الذي شهدته وسائل الإعلام تراجعت صحافة الخبر، وتقدمت صحافة الرأي والتحليل، وبرزت المقالة كفن قادر على تجديد خلاياه. لا يكبر أو يشيخ.
علموا أولادكم المقالة، احضروا أوراقا وأقلاما ودربوا النشء الجديد على الكتابة والتعبير عن النفس والعالم، فالمقالة تضيء العقل، وتعلم الفرق بين الصواب والخطأ ، وتمنح قرون استشعار للبراعم الصغيرة.
تاريخ الإضافة: 2014-04-17تعليق: 0عدد المشاهدات :1175