يعيش جيل اليوم من الأبناء أزمة حقيقية يمكن أن نطلق عليها "أزمة هوية"، فهو موزع بين إيقاع التطور اللاهث الذي يجتاح - كالطوفان - كافة مجالات الحياة، وبين التقاليد العربية الضاربة فينا كالجذور.
وتزداد الحيرة وتبرز علامات الاستفهام في عصر الفضاء المفتوح الذي جعل العالم أشبه بغرفة صغيرة، بفعل الفضائيات والإنترنت وتكنولوجيا عابرة للقارات، تمرق بسرعة الصوت، وتتفاقم المشكلة عندما يرى بضغطة زر صورة تختلف تماما عن الواقع الذي يعيشه.
وتكون النتيجة أحد أمرين، إما أن ينجرف الشاب إلى عالم بعيد عن عاداته وتقاليده وجذوره، فنرى مسخا متفرنجا يثير الضحك، أو ينغلق متشبثا بواقعه القديم، كرجل الغابة الذي يتحدث بلغة منقرضة، وفي الحالتين تكون النتيجة سيئة.
لذلك من المهم تأهيل الأجيال الجديدة على التعامل مع التطور، علينا أن نعلمهم كيف نوفق بين التطور والمبادئ، كيف نختار من سيل المعلومات الجيد، ونترك الغث الرديء، كيف نتصرف لمواجهة العاصفة، وكيف يمكن الوصول إلى البر باستخدام قارب صغير؟.
القضية تحتاج إلى جهود تربوية وتعليمية، فعلى كل من هم في موقع التعليم والتوجيه العمل في هذه المهمة، حتى نقدم أجيالا جديدة مستنيرة، تواكب التقدم والتطور، وتتمسك في الوقت نفسه بجذورها الأصيلة.