تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



فخ العنكبوت | الأمير كمال فرج


هناك أسطورة عربية اسمها "تعليم المرأة"، فالفتاة العربية تنخرط في التعليم، وتتخطى كافة المراحل الدراسية، الابتدائية، والإعدادية، والثانوية، والجامعية، وفي النهاية تقعد في البيت، تتكلف الدولة المليارات لتأمين التعليم المناسب للفتاة، وفي النهاية ينتهي الأمر بإضافة عنصر جديد معطل إلى رصيد القوى المعطلة في المجتمع.

 إذا كان الغرض من تعليم الفتاة هو محو الأمية، وتوفير حد مناسب من العلم للمرأة للنجاح في الحياة الزوجية، وتربية الأبناء ، فمن الممكن أن نستحدث دبلومة نسائية سريعة في طرق الطهي وحسن التبعل والتجميل وتغيير الحفاضات، ولا داعي لأن تدرس المرأة اللغات والترجمة والعلوم الحديثة والتطبيقات المقارنة والجبر والميكانيكا والإستاتيكا، مادامت في النهاية ستجلس في المنزل.

 أليس من الخسارة أن تتعلم المرأة وتدرس شتى صنوف العلم، وتتخرج بتفوق ثم تجلس في المنزل لتقميع البامية وتنقية الأرز، أليس من الخسارة أن تتعلم المرأة، ثم تمنع من العمل بدعاوى مثل عدم الاختلاط، والحماية، وعدم الحاجة إلى العمل، ووهم تكريم المرأة بوضعها في فاترينة المنزل الزجاجية.

 قد نعذر الرجل عندما يقضى في مراحل التعليم السنوات الطويلة، وعندما يتخرج لا يعمل، فيدور على قدميه للبحث عن وظيفة دون جدوى، فلا مناص له من أن يجلس على المقهى يلعب "الدومينو"، ويدخن سنين العمر في "الشيشة".

 قد نعذر المرأة المتعلمة التي لا تعمل لعدم وجود وظيفة، وإن كانت المسؤولية تقع هنا على النظام التعليمي الذي يتعارض مع احتياجات سوق العمل، فيقدم تخصصات لا يحتاجها المجتمع، في الوقت الذي يهمل فيه تخصصات المجتمع بأمس الحاجة إليها. ولكن كيف نعذر المجتمع الذي يعلم المرأة ثم يحبسها في المنزل؟.

 هناك خلل في استراتيجية تعليم المرأة، حيث يتم هذا التعليم بطريقة ارتجالية، فقط للتخلص من عقدة الذنب، والتشدق بأننا نمنح المرأة حقوقها، ومن هذه الحقوق الحق في التعليم، ولكننا في قناعتنا نود لو نحبس المرأة في بئر عميق ليس له قرار، فالموروث الاجتماعي مازال يتحكم بنا، لذلك تتخرج الفتاة لتعود فورا إلى المنزل، حتى أنني رصدت حالات لفتيات جامعيات يتعمدن الرسوب، لأن التخرج يعني عودتهن لسجن المنزل.

 قد أتفهم بقاء المرأة في المنزل بسبب عدم وجود وظائف، ولكن ما لا أفهمه هو جلوس المرأة في المنزل بإرادتها دون عمل، البعد الاجتماعي مازال يصر ـ رغم مرور سنوات طويلة على تحرير المرأة ـ على أن المرأة مكانها المنزل، ومازالت الفتاوى التي تقنن ذلك منتشرة في وسائل الإعلام وعلى ألسنة المتدينين، والأهم مازال ذلك المفهوم قناعة شخصية لدى الكثيرين، حتى بين المثقفين أنفسهم.

 إنهم يخدعون المرأة، ويصورون لها أن جلوسها في المنزل نوعا من التدليل، وأن تكريم المرأة يعني بقاءها في منزلها عاطلة معززة مكرمة تجلس أمام التلفاز وتتناول المكسرات، يصورون لها أن بقاءها في المنزل نوع من الحماية، كالجوهرة عندما نضعها في فاترينة، وأن المجتمع الخارجي مجموعة من الأشرار يتربصون بها لافتراسها في أول فرصة، وأن الإنسان الشهم هو من يجلس زوجته في المنزل،  وينفق عليها بسخاء، وهو ما صورته أغنية محمد اسكندر  الخائبة "جمهورية قلبي" والتي تنادي بعودة المرأة إلى المنزل.   

 لن نجبر الفتاة على أداء شيء لا تحبه، ولن نفرض العمل فرضا على المواطنين، ولكن ما دامت المرأة درست وحمّلت الدولة فاتورة تعليمها المجانية  15 عاما على الأقل ، فيجب أن تؤدي حق المجتمع وتعمل لسنوات معينة، كسنوات الخدمة العامة التي تؤديها الفتاة في مقابل التجنيد الذي يؤديه الشباب، وتكون عنصرا إنتاجيا فاعلا  في الأسرة والمجتمع.
 أما إذا رغبت من البداية في عدم العمل فلها ذلك، وهنا يمكن أن تحصل على القدر الأدنى المناسب من التعليم  من خلال دبلومة أسرية أو دبلومة في الثقافة العامة يمكن أن تضطلع بتقديمها هيئة حكومية تابعة لوزارة التعليم، ويمكن أن تكون مدتها عام أو عامين  على أبعد تقدير بعد المرحلة المتوسطة، تتلقى فيها الفتاة منهجا شاملا مختارا بعناية يضمن لها حدا مقبولا من الثقافة العامة.

 لماذا تلزم الدولة من تقوم بابتعاثهم للخارج بالتوقيع على  تعهد بالعمل في المؤسسات الحكومية لعدد معين من السنوات؟، لضمان الاستفادة من هذا المبتعث، وحتى لا ينتقل  فور حصوله على الدرجة العلمية إلى دولة أخرى، وبذلك تكون الدولة قد خسرت ما أنفقته، ويصبح المبتعث كالنبت الذي زرع في أرض، ولكنه طرح في أرض أخرى، يقول المثل "زي القرع يمد لبره".

 لعمل المرأة وجوه عدة منها العلم والمعرفة، ومنها تمكين المرأة من إعالة نفسها وأسرتها إذا تطلب الأمر ذلك، ولكن البعد الأهم هو أن تساهم مع نصفها الآخر الرجل في أعظم مهمة كلف بها الإنسان، وهي إعمار الأرض.

الدعوة إلى عودة المرأة للمنزل محاولة جديدة لإحكام السيطرة على المرأة، لكي تكون ـ كما كانت دائما ـ مجرد تابع للرجل، واستمرار لتاريخ القمع الذكوري للمرأة المستمر من العصر الجاهلي حتى الآن،  ولكن ـ هذه المرة ـ  يتم بأسلوب ناعم يستجدى العواطف ويستغل الدين، بتعظيم مسؤولية تربية الأبناء، ودعاوى أخرى كالحماية والصون والتكريم.

 يجب أن نتصدى للدعوات التي تنادي بعودة المرأة إلى المنزل، لأن في ذلك ردة ثقافية واجتماعية، لقد حققت المرأة في دول العالم العديد من الإنجازات،  وأصبحت تقف جنبا إلى جنب بجوار الرجل، وتساهم إسهاما كبيرا في التنمية، ولكن في المجتمع العربي مازالت المرأة ـ رغم كل شيء ـ طاقة معطلة، والتعليم مجرد ديكور نتجمل به أمام المنظمات الدولية التي تعني بتمكين المرأة، مجرد شهادة تصلح فقط عند الزواج..

  المشكلة أن المرأة العربية دخلت بنفسها إلى فخ العنكبوت، واقتنعت بمنطق السجان، بأن السجن ليس تقييدا للحرية، وإنما يوفر لها الحماية، وصدقت أن الجلوس في المنزل نوع من التكريم والتعظيم والتفخيم، ورغم دعوات تمكين المرأة، ومستحضر تجميل الكوتة النسائية، وتصاعد العنف  الأسري، والصراع المستمر بين تيار تحرير المرأة وتيار قمعها، مازالت المرأة العربية قانعة بمنطق السجان تتخبط كالملكة في خيوط العنكبوت.

تاريخ الإضافة: 2014-04-17 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1333
0      0
التعليقات

إستطلاع

مواقع التواصل الاجتماعي مواقع تجسس تبيع بيانات المستخدمين
 نعم
69%
 لا
20%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات