الإشاعة مرض يسرى كالوباء في المجتمع، آفة تفتك بالعقول، ميراث اجتماعي قبيح أخضعناه لعملية تبرير وتزويق وتجميل، فأصبح مادة للتسلية والفضول وحب الاستطلاع، ودليل على معرفتنا ببواطن الأمور.
الإشاعة خبر غير صحيح يخترعه شخص، وبسرعة تتناقله الألسن، وفي دقائق يردده الآلاف، وخبر بهذه القدرة الخارقة على الانتشار يجب أن يكون بمواصفات خاصة، لأن الخبر العادي لن يحظى على الاهتمام. الخبر العادي ربما ينتقل من شخص لآخر، ولكن سينقطع نفسه بسرعة ويسقط، أما الخبر غير العادي سينطلق بسرعة كالنار في الهشيم من فم واحد لمئات الأفواه.
الإشاعة تكون عادة خبرا صادما، يتعلق بإحدى أربعة .. الشرف أو الجنس أو الجريمة أو السياسة. فهذه المجالات بيئات خصبة لنمو الإشاعة. تنطلق كالمكوك من "قعدة" صغيرة لتخترق الفضاء الخارجي.
وللإشاعة تأثير مدمر على المجتمع، هذا التأثير لا يقتصر على النميمة وتشويه السمعة، ولكن أثرها يصل أحيانا إلى حدود بعيدة، كالجريمة وتفكك الأسر والانهيار الاقتصادي والنزاعات الدولية.
ويلاحظ أن الإشاعة تكثر في البيئات التي تعاني من عدم الشفافية وغياب المعلومات، لأنه كلما تمتع المجتمع بالوضوح والمصداقية والمكاشفة. كلما فقدت الشائعة فعاليتها.
الشفافية مصل مضاد للإشاعات، ومقوم أساسي من مقومات المجتمع السليم، لأن شمس الحقيقة عندما تطلع تسطع على الجميع، فلا تترك زاوية مظلمة أو مجهولة تعشش بها الأكاذيب.