تدهشني كثيرا قصص الكفاح الاجتماعي. أتوقف وأضرب تعظيم سلام لهؤلاء الذين لم يثنيهم الفقر والعوز والمهن البسيطة عن التربية الحسنة، وتقديم أبناء ناجحين يحملون أعلى الشهادات.
هل سمعتم عن ابن البواب الذي تفوق على ابن "البيه" ودخل الجامعة، وبائع الفول والطعمية الذي ربى طبيبة ومهندسا وعالما في الكيمياء؟، المال لم يكن أبدا شرطا للنجاح والتميز، والفقر ليس عائقا أمام النفوس الأبية لكي ترقى بنفسها وتنجح، بل يكون أحيانا وقودا نادرا للتحدي والنجاح.
أنبهر وأقف مشدودا أمام هؤلاء الذين يحصلون على قوتهم يوما بيوم، ولكنهم حسب الوصف القرآني البليغ (تحسبهم أغنياء من التعفف) . لم يضعفوا أمام شياطين الإنس والجن والمال الحرام، وأدوا ـ رغم شظف العيش ـ واجبهم على أكمل وجه نحو الأسرة والمجتمع.
هذا هو البطل الحقيقي الذي يجب أن نحتفي به، ونصفق له بحرارة، وليس لاعب الكرة أو الممثل المشهور الذي ترصد وسائل الإعلام حركاته وسكناته كبرامج الواقع 24 ساعة.
هذا النموذج الإنساني موجود في كل مكان. يعمل في صمت، وينجح في صمت، بعيدا عن الاهتمامات الاجتماعية، وتنظيرات الباحثين، وهو يشبه "المهرج الحزين" الذي يرتدي الملابس المبهرجة، ويؤدي الحركات البهلوانية، ليسعد الناس، بينما لو تأملنا قليلا في عينيه سنكتشف الدموع.
يجب أن نحتفي بأبطال الكفاح الاجتماعي، ونقدمهم كقدوة لأبنائنا، وقيمة إيجابية في المجتمع.