الثبات عند الصعاب سمة من سمات الأقوياء، فالرجل القوي لا يجزع عند المصائب، يقف ـ عندما تشتد الملمات ـ كالشجرة الصامدة أمام العاصفة الهوجاء. الرجل القوى لا يضعف أو ينهار عندما تكال له الضربات، وتنهال عليه السهام من كل حدب وصوب، حتى لو "تكسرت النصال على النصال" كما قال المتنبي، إنه حسب وصف اللغة العربية "صعب المراس" ، "قوي الشكيمة"، يتمتع بـ "رباطة الجأش" ، وإذا سقط ، ينهض كالجياد النبيلة.
علينا أن نعلم أبناءنا رباطة الجأش وكيفية مواجهة الصعاب، فالحياة ليست رحلة رومانسية، ولكنها بوتقة التناقضات، خير وشر، نجاح وفشل، مكسب وخسارة، باقات الورد، وقذائف الطوب، أيادي ممتدة لتحضنك، وخناجر لئيمة تنتظرك في أول منعطف لتقتلك.
يقول الحديث الشريف"المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف"، ويقول الحكيم القديم "الغايات اليسيرة لا تسمى طموحا، ولكن الطموح هو الغايات الشاقة البعيدة، فصارع وأنت في الظلمة، وحارب وأنت ملقى على الأرض، ومت وأنت تقاوم، فإنك لن تموت أبدا".
هذا المعنى الجميل للثبات ورباطة الجأش عبر عنه أيضا الراحل صلاح جاهين عندما قال بعامية معبرة:
إثبت .. ما تخليش ولا واحد يشمت
إرسم على وشك تبسيمة
إوعى تلف بجرحك تشحت
لا .. لا إثبت.
تدريب الأبناء على المبادرة والإقدام والصمود أمام الصعاب مطلب تربوي مهم يساعدهم على خوض غمار الحياة والتعامل معها والتغلب على مشكلاتها، وصدق أمير الشعراء أحمد شوقي الذي قال :
وما استعصى على قوم منالٌ / إذا الإقدام كان لهم ركابا