الحزن يحتل الحيز الأكبر من حياتنا. ينمو بسرعة، الحزن في قاموسنا هو الأساس، بينما الفرح نادر الوجود، حدث استثنائي نشعر به في محطات متباعدة محددة من العمر، عندما نتخرج من الكلية، أو نعثر على شقة، أو نتزوج، أو نحصل على وظيفة .
أصبحت الإبتسامة عزيزة، كما يقول الحس الشعبي، بمعنى أنها نادرة، والنكتة التي كانت في الماضي تجعلك تستلقي على قفاك من الضحك أصبحت باردة، حتى المسرحيات الكوميدية ـ التي كانت الأسر تجتمع لمشاهدتها كل أسبوع في جو عائلي حميم، و"تموت من الضحك" حسب التعبير الشعبي ـ أصبحت شحيحة ، ومليئة بالمواقف المتصنعة التي لا تحرك قسمات الوجه.
هل الأمر متعلق بالسياسة وأخبارها التي توجع القلب؟، ونشرات الأخبار التي تنقل على مدار الساعة الجرائم والحروب وبيانات الإرهاب والتهديد؟، أم أن السبب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي أصبح الجميع يعانون منها؟، فأصبح الناس مشغولون بالبحث عن لقمة العيش ؟. لقد انشغلنا بتأسيس الصناعات الثقيلة، وأهملنا صناعة خفيفة، وهي صناعة البهجة والترفيه .
يجب أن نتعلم صناعة الفرح، وأن نؤمن بأهمية الترويح عن النفس، وأن ننشيء ملاهي للكبار أسوة بملاهي الصغار؟، تحتوى على أراجيح و"زقازيق" وألعاب أسرية وعائلية تبعث البهجة وتنتزع الضحكة من القلوب، ونحول نشرات الأخبار الكئيبة إلى نشرات للبهجة والمرح والحضور الاجتماعي، ونعيد صحافة الفكاهة القديمة كالبعكوكة والكشكول و"أبو نضارة" التي كانت تنقل البسمة والطرفة والأخبار السعيدة والسعيدة فقط.
يجب أن نشيع البهجة والبسمة في الشوارع والبيوت والمطارات وأروقة العمل، وأن ننشر ثقافة الفرح في كل مكان، فالضحك يطيل العمر، ويحافظ على الصحة، ويدفع المرء إلى العمل والإنتاج.