القصيدة قنديل أخضر، وشم نحاسي محفور في الذاكرة، جواز سفر للنجوم وأقواس قزح وألف ليلة وليلة، وزارة للحب العذري النبيل والغزل العفيف، ولكن أين القصيدة الآن؟.
المتابع للساحة الثقافية يلاحظ تراجعا كبيرا في المساحات المخصصة لنشر القصيدة، لقد غلبت عليها الإعلانات وصفحات الفن والإنترنت والتقنية، وبعد أن كانت القصيدة تنشر في الستينيات بالصفحة الأولى من صحيفة الأهرام، اختفت الآن، وإن وجدت نراها في زوايا خجولة، كأنها العار.
احتلت التقنيات الحديثة حياتنا، فتراجع الاهتمام بالأجناس الأدبية، ففي عصر التكنولوجيا والإنترنت أصبح الشعر لغة غريبة، والشاعر حفرية قديمة، وأصبحت القصيدة - في الإعلانات والأفلام - كالمهرج العجوز، تقدم على سبيل الفكاهة والضحك، رديفة للتخلف والغباء.
فهل تختفي القصيدة؟، هل يأتي يوم وتنقرض، تماما كما انقرضت فنون أخرى من حياتنا كالمقامة والموشحات والزجل والرسائل الأدبية؟.
لقد هجر الناس القصيدة والخاطرة والجوابات وشغب الطفولة وأقلام الرصاص إلى البلاي ستيشن والشاتنج ورسائل الـSMS والمشاعر المعلبة.
نحن بحاجة إلى حملة لإعادة الاعتبار للقصيدة العربية، تتضمن العمل على نشرها وترويجها في المدارس والجامعات، وتقديمها في لوحات إذاعية وتلفازية جميلة، حملة تعلي من قيمة المشاعر في زمن الأسهم، حملة تعيد لنا جمال الوزن وموسيقى القافية وحلاوة الشعر العربي الجميل.