النفس البشرية لها أسرار لا يعلمها إلا الله، فكما يوجد بها الخير والصفات الحسنة الطيبة، التي تثلج الصدر، يوجد بها الشر والكره والبغض والصفاته القبيحة التي تقشعر لها الأبدان.
ومن الصفات القبيحة التي يبتلى بها الإنسان الحقد والحسد والغيرة، وهي ثلاثية اجتماعية قديمة قدم قابيل الذي أعماه الحقد فقتل شقيقه هابيل، ويوسف عليه السلام الذي حسده أخوته على حب أبيه له، فأضمروا في أنفسهم الشر، فدبروا لقتله.
والحقد حالة مرضية مدمرة، فصاحبها الذي يبذل جهده الجهيد لتدمير الناس، سيكون هو نفسه أول الضحايا، كالمرء الذي يحمل في جيبه قنبلة يدوية سيأتي اليوم وتنفجر به، لأن تفرغ الحاقد لمراقبة الناس، وتمنى الشر لهم يشغله عن نفسه ، فيظل كما هو بينما يركض الآخرون بذكاء نحو العمل والنجاح. يقول الشاعر: اصبر على كيد الحسود فإن صبـرك قاتله/ فالنار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله.
والحسود إذا رأى شخصا ناجحا أو سعيدا أو متنعما بنعمة، يحزن ويصاب بالهم والغم، ويبذل قصارى الجهد لتشويه صورته بالقول والعمل، والحاقد لا يكتفي بالحقد، ولكنه ينزلق إلى مجموعة من الموبقات التي هدفها الإضرار بالآخرين كالوشاية والكذب والإغتياب والإيذاء، وقد يصل إلى الاعتداء والقتل.
ولعل الدليل على خطر الحسد وعظم أمره أنه ورد في إحدى المعوذتين التي يجب أن يستعذ بهما المسلم، يقول تعالى "قل أعوذ برب الفلق ، من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ، ومن شر النفاثات في العقد، ومن شر حاسد إذا حسد).
وقد رفضت الذاكرة الشعبية الحقود والحسود، يقول المثل "عين الحسود فيها عود"، وقالوا في الأثر "من راقب الناس مات هما"، ولدينا تاريخ من الأغاني التي تتحدث عن الحسود والعذول الذي يفرق الأحبة.
يجب أن نتعلم القناعة والرضا وحب الخير للناس والطبيعة والمجتمع، يجب أن نعلي من قيم التنافس الشريف التي تبنى وتعلم الجد والمثابرة وتدفع للأمام، وأن نتوقف عن مراقبة الناس، وننشغل بأمر هام وهو بناء الذات بالمعرفة والعمل.