الاستدانة فعل اجتماعي يعني اقتراض شخص من آخر مبلغا محددا عند الحاجة، وقد كثرت على مر العصور في الطبقات الفقيرة والمتوسطة، وكانت في كثير من الأحيان ـ رغم قتامة الموقف ـ إحدى صور التواصل الاجتماعي بين فئات المجتمع المختلفة.
ولكن ظلت "الاستدانة" على مر العصور فعلا طارئا، لا يبرز إلا عند الحاجة كحل أخير، فلم نر أحدا في الماضي يستدين دون حاجة قوية وملحة وموجعة، ولكن في العصر الحالي انتشرت الاستدانة، وأخذت وجوها كثيرة ملطخة بمساحيق التجميل، وراجت بطاقات الائتمان التي تعتمد على إمدادك بما تحتاج من أموال مقابل رسوم وزيادات محددة.
وتحولت "الاستدانة من فعل اضطراري نادر إلى حالة يومية عادية كتناول الهمبورجر واستخدام العطور العالمية وارتداء الملابس العصرية، وأصبح "الائتمان" بفضل الإعلانات الجذابة أسرع وسيلة لتحقيق الأحلام والرغبات الأسطورية، وبالتدريج أصبح المجتمع بأكمله بفقرائه وأغنيائه مدينون مقيدون من رقابهم بصخرة كبيرة جدا اسمها "الدين".
وبدلا من أن يكون الاقتراض وسيلة لفك ضائقة، وإنشاء المشاريع وتنمية المجتمعات أصبح وسيلة للبذخ، ومجاراة للجشع والتطلع والرغبات الإنسانية الاستهلاكية التي لا تنتهي.
يجب أن نعترف بالتأثيرات الاجتماعية التي حدثت بسبب انتشار الاستدانة، وأن نحذر من الوقوع في هذا الفخ الجميل، وأن يقدم خبراء المال والمجتمع والإدارة "طوق نجاة" للأسر التي تحاصرها الديون، ويقدمون التوعية اللازمة للمجتمع حول الدين وكيفية الخلاص منه.