في الوقت الذي ينخرط فيه الكثيرون في سلك التعليم تلقائيا في سن الدخول للمدرسة، وبعض النظر عن الفترة التي يقضيها المتعلم قصيرة كانت أم طويلة. هناك كثيرون يتعثرون، ويفوتهم قطار العلم لأسباب مختلفة بيئية واقتصادية واجتماعية.
ورغم خطر الأمية الذي نعلمه على حاضر الأمم ومستقبلها، ما زالت الجهود التي تبذل لمواجهة الأمية في العالم العربي قليلة نادرة، والمشكلة تتفاقم يوما بعد يوم، على العكس فقد شهدت جهود محو الأمية تراجعا كبيرا في السنوات الأخيرة ، بعد أن كانت في أوجها في الخمسينيات والستينات، حيث كانت برامج "محو الأمية" ناشطة ومتحركة في كل قرية ونجع، وكان الإعلام يقوم بدوره في محو أمية العمال والفلاحين.
وإذا نظرنا إلى بعض الدراسات التي تشير إلى أن عدد الأميين في العالم العربي 100 مليون أمي، وبالنظر إلى التطور الذي حدث في تعريف "الأمي" في ظل التطور التقني الهائل الذي حدث في الخمسة والعشرين سنة الأخيرة . وظهور مصطلحات جديدة مثل أمية الإنترنت وأمية اللغات الأجنبية . سنكتشف أن المشكلة أكبر مما نتصور وأن الوحش الذي كنا نضعه في قفص ونلهو به أصبحت له أذرعة طويلة باتت تطبق علينا من كل جانب.
الأمية خطر على حاضر الأمم ومستقبلها، وخطر محدق على الأمن القومي العربي. لا يقل عن الخطر العسكري، وإذا كان قهر الأمية ـ بواقعية شديدة ـ أصبح صعبا ويكلف أموالا طائلة، فمن الممكن اقتراح ثقافة بديلة يتم تعميمها وترويجها ونشرها لتوفير حد أدنى من العلم للأميين تمكنهم من الفهم والمساهمة ولو بجزء في البناء والتنمية.