السحر واقع أكدته الشريعة، وحذرتنا من التعامل معه، واعتبرت التعامل مع الساحر ـ لخطبه وجلله ـ مساويا بالكفر بما أنزل على محمد، ودلنا القرآن الكريم والسنة المطهرة على كيفية الوقاية منه بالاستعاذة، (ولا يفلح الساحر حيث أتى).
ولكن من الغريب أن يأخذ هذا الجانب حيزا كبيرا من اهتمامات الناس، حيث يركن الكثيرون إلى السحر، ويرجعون إليه كل المشكلات، لتبرز على السطح ما يمكن أن نسميها "ثقافة السحر"، ويصبح لها جمهور عريض، ولعل الدليل على ذلك أن أكثر الكتب مبيعا الآن هي الكتب التي تتحدث عن السحر والشعوذة والتنجيم والجنس والجريمة.
ربما يرجع ذلك إلى عدم الفهم الحقيقي للدين، وربما لما يتسم به هذا الباب المثير الذي اجتمعت به عناصر التسويق مثل الغموض والطرافة والتشويق، فأصبحت تحلو معه الروايات والحكايات، وربما لطبيعة الثقافة الشعبية التي تعظم الخيال وتؤمن بالخرافات والأساطير.
وتبرز هنا أسئلة طريفة وموجعة، منها : لماذا الأمة الإسلامية فقط يشيع فيها السحر والشعوذة وضروب الوهم، ولماذا لا نجد في الغرب مثلا ثقافة الجن والعفاريت.
أصبح "السحر" في كثير من الأحيان مخدر اجتماعي ، يبرر لنا الإتكالية والعجز والكسل، شماعة الأخطاء التي نعلق عليها أوزارنا وفشلنا وعجزنا عن الفعل، "أداة نصب" يستغلها المشعوذون لابتزاز البسطاء والاستيلاء على أموالهم.
نحن نؤمن بالسحر، كما ورد في الكتاب والسنة، ولكن نرفض أن تتسابق الأمم في النهوض والتنمية، وتبقى الأمة الإسلامية تتخبط في حبال الوهم والشعوذة.