سلوكيات البشر نتاج طبيعي للثقافة السائدة، فإذا كانت الثقافة السائدة تدعو للتبذير، ستكون سلوكيات الأفراد مبذرة، وإذا كانت الثقافة السائدة هي الوعي والترشيد سيكون سلوك المجتمع كذلك.
والشراء سلوك كغيره من السلوكيات المرتبطة ارتباطا وثيقا بالعادات، فلا دخل للجينات الوراثية بالأمر، الشراء سلوك مكتسب يتشكل ويتلون من ثقافة الشخص وتربيته والبيئة المحيطة.
وإذا قارنت بين سلوكيات الشراء عند العربي والأجنبي ستكتشف مفارقة غريبة، فرب الأسرة العربي يدخل السوبر ماركت الكبير، ويخرج منه دافعا عربة مليئة بالمنتجات التي تملأ بقالة صغيرة، بينما يدخل الأجنبي ويشترى الفواكه بالواحدة. هذا الواقع بدون أي مبالغة أو رتوش، يكشف عن أخطبوط الاستهلاك الذي يحيط بنا ويعصرنا كالبرتقالة.
في فرنسا وأثناء حديثي مع جزار فرنسي فوجئت أن الفرنسيين يشترون اللحم بالجرام، وهذا هو الطبيعي، أما نحن فنشترى بالكيلو والثلاثة والذبيحة!، المشكلة في ثقافتنا العربية التي جعلت الأكل صورة من صور الكرم، ووسيلة تعبير عن التقدير والاحترام، فإذا جاءك ضيف امتدت السفر مليئة بما لذ وطاب، ثم ينتهي الأمر إلى سلال المهملات، وإذا زارك قريب أحطته كالكابوس بالمشروبات والمأكولات وحلفت بـ "الطلاق" أن يأكل ، ويأكل المسكين حتى تنتفخ أوداجه ويصبح كالبالونة التي على وشك الإنفجار.
الأمر يحتاج إلى تغيير الثقافة الاستهلاكية التي تتعدى آثارها الجوانب الاقتصادية والصحية لتعلم المرء عادات خطيرة مثل الجشع وحب التملك والاستحواذ.