معظم الإنجازات والإكتشافات الخلاقة التي توصل لها الإنسان، ظهرت بفضل التجربة وحب الاستطلاع والفضول، وقلة منها ظهر بمحض الصدفة، كالتفاحة التي سقطت على رأس نيوتن فأوصلته لقانون الجاذبية.
التجربة هي التي أوصلت المخترعين إلى ابتكار السيارة والطائرة والتلفاز وغيرها من الأجهزة التي غيرت وجه الحياة، وأوصلت الباحثين لابتكار الأدوية التي أنقذت الأرواح، وعالجت المرضى وخففت آلام الناس، وهي التي أوصلت الرحالة والمؤرخين إلى اكتشاف القارات البعيدة، التجربة هي سبب هذه الحضارة الرائعة التي أسسها الإنسان على كوكب الأرض منذ العصر الحجري حتى الآن.
والتجربة هي القاضي العدل والحكم الفيصل في الكثير من الأمور. بها نعرف الجيد من الرديء والمفيد من الضار، والحلو من المر، حكم لا يكذب أبدا، وكما يقولون "التجربة خير برهان"، فالتجربة القانون الأزلي منذ نشوء الحياة، والرافد الأساسي للمعرفة الإنسانية.
دعانا ديننا إلى التفكر والتدبر في الكون وفي نعم الله، وحثنا على الاجتهاد وإعمال العقل، وذلك يعني أن نسعى ونجرب لنتذوق حلاوة الاكتشاف، ولكن المشكلة تكمن إما في جهل الكثيرين بوجود نظرية التجربة أساسا، أو فيمن يقبعون في كهوف العزلة. يرفضون أن يعانقوا ضوء الشمس، يرفضون الجديد ، ويتمسكون بما ورثوه عن الأجداد، ، يقولون تارة "من فات قديمه تاه"، وتارات أخرى "عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة".
التجريب علم وباب واسع لايستفيد منه الجميع، ومنهج حياة يجب إقراره في التعليم والصناعة والتجارة والإدارة والثقافة والفنون، وأن نخصص له الميزانيات والبرامج.
التجريب نافذة مشرعة على عوالم الدهشة والتطور، نعمة من نعم الخالق الكثيرة التي يجب أن نتمتع بها.