تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



يحيي العظام وهي رميم | الأمير كمال فرج


أتوقف كثيرا عند الآيتين القرآنيتين الكريمتين في سورة "يسن" واللتين تقولان "وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم، قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم"، أتوقف عند هذين الآيتين، ويخفق قلبي، وأشعر أنهما تتضمنان سرا من أسرار الخلق.

 لست مفتيا، رغم أن الفتوى ـ للأسف ـ أصبحت مهنة الكثيرين في عصر الفضائيات، ولست من علماء الدين، الذين يقومون بواجبهم في التفسير والتوضيح والتحليل، وبيان أحكام وقصص ومواقف وتعاليم وجماليات النص القرآني العظيم، ولكني أفضل أن أعبر عن مشاعري الإيمانية بحرية دون خوف أو توجس، وأنتقد محاولة البعض محاصرة المسلم بمحاذير تمنعه من الحديث والسؤال والتعبير عن انطباعاته ومشاعره الإيمانية. حتى التعبير عن هواجسه إن وجدت.

 يحدث ذلك رغم أن الله تعالى قال "إذا سألك عبادي عني فإني قريب، أجيب دعوة الداعي إذا دعاني، فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون"، وهو تعالى القائل" ومازال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، وقدمه التي يمشي بها، وإذا سألني لأعطينه، وإذا استغفرني لأغفرن له، وإذا استعاذني أعذته".

 تستوقفني كثيرا هاتان الآيتان، وهناك سببان لذلك ، الأول شخصي، حيث سمعتها لأول مرة من والدتي التي كانت تردد متوجسة هذه الآية "يحيي العظام وهي رميم" عند المرض الأخير لوالدي رحمه الله، فعلقت الآية في ذهني وأنا فتى لم يتعد الرابعة عشرة من العمر، والسبب العام أن هاتين الآيتين تتضمنان تأكيدا لحقيقة ثابتة وهي حقيقة البعث، حيث يحيى الخالق عز وجل الموتى لتتم محاسبتهم، و هذا إعجاز آخر للخالق ، فبعد معجزة الخلق، تأتي معجزة البعث، حيث ينهض الموتى منذ بدء الخليقة، والذين تحولت أبدانهم بفعل الزمن إلى عظام، يوم القيامة، بقدرة الخالق العظيم تدب في هذه العظام الحياة عند البعث، فتعود إلى هيئتها الأولى إنسانا حيا كامل الأعضاء.

 تتضمن الآيتان سؤالا محددا، لأن أقرب طرق للإقناع هو السؤال، أن تطرح سؤال المشكك، وترد عليه، وكان من الممكن أن يقر الله تعالى بحقيقة البعث بجملة خبرية واحدة، وعلينا بالطبع التصديق والتسليم، ولكن هذه الكيفية في طرح الموضوع، صيغة السؤال والجواب، تعطي السائل الفرصة للتعبير عن هواجسه، والحرية في طرح سؤاله، ثم يأتي بعد ذلك الرد القرآني المحكم.

 السؤال المهم كما ورد في الآية القرآنية: "من يحيي العظام وهي رميم؟"، والإجابة "يحييها الذي أنشأها أول مرة"، وهذا السؤال قد يدور بذهن المشكك أو المستفسر الذي يريد أن يروي فضوله، وقد يصدر حتى من المسلم، فالتفكر والتدبر أمران مشروعان، وليس معنى السؤال التشكيك، ولكنها محاولة للفهم.

 ومهما كان غرض السائل، فإن المرء لا ينتظر أن يحصل على إجابة مفصلة عن "الكيفية" التي ستتم بها عملية إحياء العظام، وذلك وفقا للمعايير البشرية العادية، والسبب أن الله تعالى اختص لنفسه أمورا عدة، جعلها ضمن الغيبيات لحكم يعلمها هو وحده، يقول تعالى "ربنا ماخلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار"، ولكنه تعالى في هذه الآية لم يترك السائل في هواجسه أو حيرته أو فضوله.

 كان من الممكن أن لا يقدم الله تعالى ردا، على أساس أن هناك غيبيات يجب أن نؤمن بها، تبعا للآية " يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم " ولكن الله تعالى قدم ردا يهديء الهواجس، ويرقر الطمأنينة في قلم المسلم، ويؤكد قدرته تعالى على الخلق والبعث ـ محل السؤال ـ ، وكان رده تعالى "قل يحييها الذي أنشأها أول مرة"، ويعقب ذلك بقوله تعالى الذي يؤكد علمه بأسرار كل خلق خلقه "وهو بكل خلق عليم".

 هذا الرد إن لم يكن كافيا لري الفضول الكامل، حيث كان السائل غالبا يطمح في معرفة "الكيفية" ، فإنه قد طمأن السائل، وأقنعه ببرهان لا يمكن التشكيك فيه بقدرة الله، لأن من صنع شيئا معجزا مثل عملية الخلق، بما تتضمن من "إحياء"، لن يكون صعبا عليه أن يقوم بفعل آخر يوازي عملية الخلق، وهو "الإحياء من جديد"، وسيكون لاشك قادرا على البعث.

 وجود الفعل دليل على وجود الفاعل، ووجود الحياة والخلق والكائنات كلها دلائل على وجود الخالق المعجز رغم أننا لانراه، من هنا كان إيماننا بهذا الخالق، دعك من الهلوسات التي يرددها البعض ويقول أن الكون وليد الطبيعة، وأنه تكون منذ ملايين السنوات نتيجة لتفاعلات معينة، وغيرها من الآراء التي تنافي المنطق.

 وجود الخلق نفسه دليل على وجود خالقه، ليس ذلك فقط ولكن إعجاز المخلوق دليل على إعجاز الخالق، النقطة الأخرى، ـ وهي موضوع الآية ـ أن من خلق الشيء وأبدعه قادر لاشك على إماتته ، بل وإحيائه يوم البعث.

 هاتان الآيتان كفيلتان بإقناع أي مشكك وأي ملحد، بأن الكون خلق معجز، وأن لهذا الكون خالق، وأن هذا الخالق خالق معجز، وأن البعث حقيقة لا يمكن التشكيك بها، .. آيتان كفيلتان بإقناع الكافر بأن الإسلام هو دين الحق، وأن الخلق والبعث حقيقتان أقرهما الله تعالى لعباده، آيتان ـ لو تدبرهما الإنسان ـ لشعر أنهما يكشفان سرا حقيقيا مؤكدا عن حقيقة الخلق والبعث والحساب.



تاريخ الإضافة: 2014-04-15 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1289
1      0
التعليقات

إستطلاع

مواقع التواصل الاجتماعي مواقع تجسس تبيع بيانات المستخدمين
 نعم
69%
 لا
20%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات