كثيرون يقفون على حافة المرض والكوارث والأهوال، ولكنهم لا يدركون، .. يقف الواحد منهم على بعد سنتيمتر واحد من مصيبة، يتثاءب كالأبله على حافة الهاوية.
شاب يدخن وهو يعلم جيدا أن التدخين سبب رئيسي للإصابة بسرطان الرئة وأمراض القلب والشرايين، ولكنه يدخن في اليوم الواحد 40 علبة سجائر، .. أسنانه تكسرت وأصبحت كالطريق الخرب، وتجعد جلده وأصبح مثل جلد المومياء، ولا يقلق، يمشى رشيقا كالهيكل العظمي دون أن يهتز.
الأقرباء يحذرونه، فيضع أصابعه في أذنيه، يصاب بارتفاع ضغط الدم، ولا يبالي، ويصاب بالسكري ، فلا يفجع، ينبهه الأطباء من خطورة حالته، وبأنه سيحكم على نفسه بالموت، فيبتسم ساخرا ويقول "الأعمار بيد الله". يتمدد في غرفة الإنعاش بعد أن تمكن الأطباء من إنقاذ حياته بمعجزة، وبمجرد أن يستيقظ يطلب سيجارة..!.
وآخر وصل إلى أرذل العمر، وبينه وبين القبر شبر، انحنى ظهره وضعف بصره، وبات لا يمشى إلا بمساعدة، ولكنه مازال جائعا للأموال والمناصب، ينهب هنا، و"يهبش" من هناك. لا يتذكر الله حتى في مرحلته الأخيرة.
لدى كل إنسان عقل يعي ويفكر، ويتبين الصواب من الخطأ، وجهاز عصبي يستشعر الخطر. إذا اقترب الإصبع من النار، يرسل المخ إشارات عصبية تحذر من الألم والاحتراق ، فيبتعد الإنسان على الفور. ولكن يوجد أناس فقدوا الضمير والعقل والقدرة على التمييز، فأصبحوا كالجلد الميت لا يشعر بالحرارة أو الخطر.
إذا سلمنا بأن الإنسان في سنوات العمر الطويلة قد يكون لاهيا عابثا لا يبالي، فإننا لا نستطيع استيعاب أن تظل لامبالاته وعبثه وغباؤه ورأسه تحت المقصلة.
الهاوية على بعد خطوات، والخاتمة أقرب مما تتصور، فلا تثق بحبل العمر المهتريء، وجهز راحلتك للرحلة الأخيرة قبل أن يفوت الأوان.