حققت إذاعة بانوراما سبقا سيسجله التاريخ، وسيدرسه أساتذة الإعلان بكليات الإعلام، وربما تدخل بسببه موسوعة "جينيس"، فقد استحدثت ـ لأول مرة ـ مصطلح "النرجسية الإذاعية".
تفتق ذهن مسؤولي بانوراما عن أسلوب غريب وعجيب للترويج للإذاعة، فأحضروا عددا "كبيرا" من المطربين والمطربات الذين يقدمون أعمالا غنائية على الساحة، وطلبوا ـ من المؤكد أنهم طلبوا ـ من كل مطرب تحوير أغنيته الشهيرة التي تميز بها إلى أغنية تتغزل في "بانوراما" .. نفس الكلام ونفس اللحن، ولكنها موجهة ـ هذه المرة ـ للجميلة الرائعة فلتة الإذاعات العربية "بانوراما"، على أن ينهي المطرب المقطع بعبارة الإذاعة المميزة "بانوراما .. خليك في الجو" .
ولتقريب الصورة أغنية محمد حماقي التي يقول فيها (عارفة أحلى حاجة فيكي إيه/ بتحلّي أي شيء عنيكي تيجي فيه" يغنيها حماقي مرة أخرى بنفس اللحن، ولكنه يقحم "بانوراما" في الأغنية .. فيقول " بانوراما إيه اللي تتساوي بيه" ..!
لا أعرف من صاحب هذه الفكرة العبقرية التي ترفع ضغط الدم والسكر، ويمكن أن "تفقع" المرارة، ومن المحتمل أن تسبب للكبار نوبة قلبية، وتصيب الصغار بأنفلونزا الخنازير.
النص الغنائي ليس ملكا للمطرب أو الشركة المنتجة، ولكنه نص إبداعي تحفظه الحقوق، وتحميه اتفاقيات الملكية الفكرية وجمعيات دولية للمؤلفين والملحنين، وهو قبل ذلك ملك للوجدان العام للأمة، فكيف يجرؤ شخص على تزييف وتحوير كلمات عاطفية جميلة موجهة للحبيبة إلى كلمات موجهة لنفسه؟.. حتى الأغاني الوطنية لم يرحمها المسؤولون في "بانوراما" من هذا المصير ، فتحولت أغنية "حلوة يابلدي" إلى حلوة يابانوراما"..!.
نقطة أخرى .. ماهي المزايا التي يحصل عليها هؤلاء المطربون الذين قبلوا تزييف أعمالهم، وتحويلها إلى غزل نرجسي ممجوج في شيء اسمه "بانوراما"؟ ، وماهو المقابل المادي لذلك، وماذا سيكون الموقف لو رفض المطرب ذلك العرض؟.. هل يتجاهلون بث أعماله؟، مع إقرارنا بحسن النية لا ننكر أن ذلك سيدخل الإذاعة في شبهة ـ أكرر شبهة ـ التمييز، وربما الاستغلال!.
عندما يغيب الاجتهاد والإبداع في العمل تختفي الأفكار المبتكرة.. ولا مفر هنا من السقوط في فخ التكرار والتقليدية، فتتصدر المشهد مثل هذه الأفكار الخائبة المضحكة. تماما كالفكرة التي اتبعها أحد المطربين للترويج لألبومه، وهي اختيار فائزين ممن اشتروا الألبوم ليقدم هذا المطرب أغنية خاصة باسم الفائز.
موضوع آخر.. ماذا ستفعل "بانوراما" بنرجسيتها الواضحة أمام خمس إذاعات جديدة من المنتظر التصريح لها في المملكة لتثري الفضاء الإذاعي الخليجي وتدفعه إلى الصدارة؟.
على "بانوراما" أن تبدأ من الآن الاستعداد لمعركة التنافس المقبلة ، ولكن قبل ذلك يجب أن تتخلى عن النرجسية الإذاعية قبل أن تسقط . كما حدث مع التعيس "نرجس" الذي نظر إلى الماء، وأعجب بجماله، فأطال النظر حتى سقط في البئر.