تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



الجهاد بالتكاثر | الأمير كمال فرج


"الجهاد بالتكاثر" .. فكرة طريفة مثيرة ، تثير الخيال، قد تصلح فيلما من أفلام الخيال العلمي، أو عنصرا في نكتة بذيئة، ورغم الفانتازيا التي تتضمنها الفكرة، إلا أنها وبنظرة متأنية نكتشف أنها فكرة ليست مستحيلة، وأنه يمكن تطبيقها على أرض الواقع.

ورغم طرافة الفكرة، فقد اقترب النقاش منها منذ سنوات في مجال الحديث عن الإحصائيات السكانية في فلسطين، وخوف العدو من الزيادة السكانية "الرهيبة" للفلسطينيين، والتي باتت تهدد الوجود الإسرائيلي، حيث يخشى الإسرائيليون أن يكونوا ـ بعد سنوات قصرت أم قلت ـ أقلية.

ومازلت أذكر فيلما أجنبيا يلامس هذا المعنى عندما حط البطل في أرض تكثر بها ـ مع اختلاف القياس ـ القردة، وبين أحداث الفيلم راح البطل يدافع عن نفسه ببندقية، بقتل القرد تلو الأخر، ومع نهاية الفيلم نفذت الذخيرة منه، وكان المشهد المأساوي الأخير جموع القردة وهي تتجه إلى البطل الجريح وتغطيه.

والتكاثر سلاح خطير، بطيء المفعول .. نعم، ولكنه فعال ، حيث يمكن بواسطته أن تكون الأكثرية أقلية، والعكس صحيح، ومع اعتماد الديمقراطية، سيصبح الحاكم محكوما والمحكوم حاكما، ويتعلم الأسد ملك الغابة الأدب، وكما نقول في أدبياتنا الشعبية "الكثرة تغلب الشجاعة"، وقد أعاد طرح هذا الموضوع من جديد تسجيل أرسلته لي الصديقة مها حامد لتقرير أعدته إحدى الوكالات الأمريكية، ويتحدث عن تغير الخصائص السكانية في العالم، والتوجس من زيادة عدد المسلمين في أوروبا.

يقول التقرير أن بقاء أي حضارة مدة 25 عاما يستوجب أن تتكاثر بمعدل 2.11 ، وأن أي معدل تكاثر أقل من ذلك يهدد بفناء هذه الحضارة، ويستعرض التقرير معدلات التكاثر في كل دولة أوروبية، وينتهي إلى أن معدل التكاثر في أوروبا في المتوسط هو 1.38 ، ويتطرق بعد ذلك إلى أنه رغم ذلك فإن عدد سكان أوروبا لا ينقص، والسبب كما ذكره التقرير الهجرة، وبالتحديد الهجرة الإسلامية.

ويخلص التقرير إلى التحذير من معدلات التكاثر العالية للمسلمين في أوروبا، والتي تصل إلى معدلات عالية تصل إلى 8.1 في فرنسا كمثال، ويؤكد أن ذلك سيؤدي إلى اختفاء أوروبا التي نعرفها اليوم، وأن أوروبا ستصبح خلال سنوات قليلة قارة مسلمة.

ورغم تحفظي على هذا التقرير لعدة أسباب منها خلوه من الجهة التي أعدته، وعدم إيضاح المصدر الذي اعتمد عليه في الإحصاءات، إضافة إلى عوامل أخرى يشترط توفرها في العمل البحثي، إضافة إلى الغرض الخبيث من ترويج هذا التقرير بهذا الشكل التسجيلي الذي يدعو للشك، فربما تقف وراء هذا التقرير جهة مشبوهة هدفها إشعال الفتنة بين المسلمين والمسيحيين، وترغب في استعداء الحكومات الغربية ضد المسلمين، وربما يكون الهدف الوقوف أمام المد الإسلامي والنفوذ العربي الذي يتعاظم في أوروبا وأمريكا، وهذا مؤكد وثابت.

أقول أنه رغم ذلك كله وسواء رفضنا أم أيدنا محتوى هذا التقرير، فإن بوسعنا أن نستفيد من ذلك بطرح القضية العامة للنقاش، وهو موضوع مثير جدير بالاهتمام وهو "الجهاد بالتكاثر" ، وليكن المصطلح هو "التنمية بالتكاثر" حتى لا نقع في شبهة خاطئة ، ويتصور البعض أننا من أنصار القاعدة أو الإرهابيين، والعياذ بالله.

أتذكر إعلانا نشرته الصحف المصرية منذ أكثر من 20 عاما لمجموعة "السعد" لتوظيف الأموال، اختتم بعبارة تحض على زيادة النسل، لأن كثرة الذرية بركة، وبالطبع كانت هذه العبارة ضد توجهات الحكومة المصرية حينئذ، والتي كانت تنظم الحملات التوعوية لتحديد النسل، ومن بينها إعلان "حسنين ومحمدين زينة الشباب لاثنين".

ولم تمر سوى سنوات قليلة، وتفجرت أزمة شركات توظيف الأموال، واندلعت المواجهة بين الحكومة وهذه الشركات، وكانت مذبحة انتهت بتصفية هذه الشركات، وضياع حقوق بعض المساهمين، وحصول البعض الآخر على حقوقهم، بينماوفقت بعض الشركات أوضاعها، واختفى بعد ذلك شعار أن الزيادة السكانية "بركة" التي كانت ترفعه شركات توظيف الأموال.

وكانت الزيادة السكانية المرتفعة على مر العصور هاجسا يؤرق العديد من الدول النامية ومنها مصر، حيث اعتبرت الزيادة السكانية الكبيرة وغير المنضبطة والتي لا تتفق مع معدلات التنمية أكبر عائق يهدد مشاريع التنمية في مصر، ومن وجهة نظر الحكومة المصرية فإنه مهما فعلت الحكومات، ومهما حققت من إنجازات فإن الزيادة السكانية المتتابعة والسريعة كفيلة بالتهام أي إنجاز.

كانت الزيادة السكانية عبئا وليس ميزة في معظم الدول العربية التي تندرج تحت وصف "الدول النامية" أو "دول العالم الثالث"، ولكن في حالات خاصة كانت الزيادة السكانية لدى البعض وسيلة للقوة والنفوذ، بالتحديد كان ذلك في فلسطين حيث اعتبر البعض الزيادة السكانية المضطردة عاملا من عوامل القوة، واعتبرت إسرائيل زيادة معدلات الزيادة السكانية عند الفلسطينيين أحد العوامل التي تهدد وجودها.

الناظر لقضية ازدياد السكان باعتبارها عبئا على التنمية قد أتفق معه لأول وهلة في ذلك، لأنه إذا كان عدد السكان كبيرا والموارد محدودة، فإن النتيجة ستكون الفقر والحاجة وعدم إمكانية توفير الحاجات الأساسية للشعب، وفشل خطط التنمية مهما تميزت بالإتقان في مواكبة الزيادة الجنونية لعدد السكان.

ولكن بنظرة متأنية أعتقد أنه يمكن أن نحول الزيادة السكانية من عبء، ومن جانب استهلاكي إلى طاقة منتجة، لقد تحدثنا طويلا عن الثروة البشرية ودورها في نهضة الأمم، وعددنا دولا كثيرة تعتمد على العمالة الأجنبية لتنفيذ خطط التنمية، وتتوق هذه الدول لليوم الذي تتوفر فيه عمالة وطنية مدربة يمكن أن تحل محل الأجنبية.

فلماذا لا ننظر إلى الزيادة السكانية كعامل قوة، وليس كعامل ضعف، ولكن لا نكتفي بالنظر فقط، ولكن يجب أن نعمل على تحويل هذه الكتلة السكانية الجبارة إلى أداة للتنمية، ويمكن ذلك بوسائل عدة منها اختيار مشاريع قوية لمهن بسيطة يمكن أن توفر ملايين من فرص العمل، وتحقق المزيد من العوائد التي تصب في خانة التنمية.

المشكلة أننا ننظر إلى الإنسان كمستهلك فقط، كالأب الذي يبيت مهموما بائسا وهو يفكر في إطعام عياله، ولا يعلم الأب أن هناك مرحلة يجب أن يعتمد هؤلاء الأبناء على ذواتهم، ويعملوا، ويصبحوا منتجين يعولون غيرهم.

هذه الروح الأبوية التي نتعامل بها مع السكان هي التي تفسد الأمور، فالحكومة تفكر وتحتار في كيفية إعالة كل هؤلاء السكان، ولا تفكر في أن هؤلاء يجب أن يكونوا منتجين، وإن أدركت هذه الحقيقة، لا تعرف كيف تحول هؤلاء من مرحلة الإعالة إلى الإنتاج.

من الخطوات الأخرى التي يمكن استحداثها للاستفادة من الثروة السكانية المتزايدة، فتح الهجرة والعمل في الخارج على مصراعيه بعد تقنينه من خلال وجود وزارة متخصصة تعمل نحو هذا الهدف. تتولى هذه الوزارة مهمة تطوير مهارات العامل المصري لكي ينافس العمالة الأجنبية، وذلك في مجالات مهمة يكثر الطلب عليها في سوق العمل العالمي، والأهم فتح مجالات للعمل والهجرة لهؤلاء في الدول العربية والأجنبية من خلال اتفاقات مشتركة مع الدول المستقطبة للعمالة.

وتطلق وزارة الهجرة المرتقبة مشروعا رائدا يستهدف تأهيل وتشغيل مليون مصري كمرحلة أولى لهذا الغرض. بذلك تتحول الكثافة السكانية من عالة إلى تيار منتج يعود على نفسه ، وعلى وطنه بالخير.

ورغم تحفظاتي على التقرير الأمريكي عن تغير الخصائص السكانية في العالم، والمضمون السياسي الذي يحمله، أعتقد أن التكاثر أحد الأسلحة المهمة ليس في التنمية فقط، ولكن في نصرة القضايا الإسلامية والعربية، وسوف آخذ من هذا التقرير جوهره الذي يشير إلى حقيقة ومهمة، وهي زيادة أعداد المسلمين في أوروبا. هذه الحقيقة التي ألمسها بنفسي من خلال أقارب يقيمون في بعض الدول الأوروبية.

ورغم أن التقرير محرض هدفه في الأساس خبيث، إلا أنه ينبهنا كمسلمين إلى هذا السلاح الحيوي الخطير، الذي لا يهدف إلى الغزو أو الإيذاء أو السيطرة أو إلغاء المسيحية كما رمى التقرير، ولكن يهدف إلى التنمية وتحقيق الازدهار ليس للشعوب الإسلامية فقط، وإنما لجميع الشعوب.

بوسعنا أن ننتبه لهذا السلاح المهم في معركة التنمية العربية والإسلامية، ولكن مع الانتباه إلى القيمة، فلا يعنى العدد القيمة، فالمثل المصري يقول "العدد في الليمون" في إشارة إلى أن العدد لا يكون دائما مفيدا، فالقيمة تكمن في النوعية، فما الذي يفيد إذا أنجبت الأسرة 10 أبناء فاشلين ضعاف صحيا وبدنيا، على العكس ستكون الزيادة السكانية في هذه الحال عامل ضعف وانهيار، وليست عاملا للقوة والنهضة.

نرحب بالزيادة السكانية ، بل ونحث عليها بشرط أن تهتم ببناء الإنسان المتعلم السوي نفسيا وروحيا، المسلح بالعلم، ونرفض الزيادة السكانية إذا قدمت لنا جيلا من الجهلة والمرضى وغير المتعلمين الذين يفتقرون إلى المهارات.

يعزز هذه النظرية أن الطبيعة لجأت دائما إلى نظرية الانتخاب، فالبقاء كان دائما للأقوى، وليس الأكثر عددا، وقد انقرضت كائنات كانت تتمتع بالقوة مثل الديناصورات، وإن كانت نظرية البقاء للأقوى كانت منطقية في فترة معينة من نشأة الإنسان، ولكنها تغيرت بعد ذلك، حيث أصبح البقاء للأذكى، والدليل على أن تسيد الإنسان كان بعقله وليست قوته.

وبالطبع لا يمكن أن تأخذنا المثالية، وننسى فائدة الزيادة السكانية المضطردة للمسلمين في الغرب، ولكننا ننظر إليها بشكل أكثر تحضرا، حيث يمكن أن يحقق تزايد المسلمين في الغرب مزيدا من الفهم، ومزيدا من تعزيز سبل التعاون مع الآخر، أيضا التعريف بالقيم الإسلامية الإنسانية العالمية، وتغيير الصورة السلبية التي يختزنها البعض عن المسلمين، وأخيرا الانتصار لقضايانا العربية العادلة، والتي ليس هدفها الغزو والإقصاء كما يصور الغرب ويرمى هذا التقرير، ولكن هدفها تعزيز القيم الإسلامية العربية الصحيحة، والتي هي نفسها القيم الإنسانية العالمية.


تاريخ الإضافة: 2014-04-14 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1134
1      0
التعليقات

إستطلاع

مواقع التواصل الاجتماعي مواقع تجسس تبيع بيانات المستخدمين
 نعم
69%
 لا
20%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات