هل فكرت يوما في الركض في الشارع، أن تتستلق شجرة كما كنت تفعل صغيرا، أن تضحك بصوت عال في المطار أو المول التجاري، تستلقى على النجيل الأخضر، وتشتم رائحة العشب، ..تغتسل بمياه نافورة عامة، تمشي في الطين، وتصرخ كالأطفال تحت المطر.
أحاسيس فطرية تنتابنا أحيانا، مهما كبرنا ووضع الزمن لمساته على قسمات وجوهنا، ولكن المشكلة أننا نعتقل مشاعرنا خجلا من الأعراف والتقاليد والمجتمع الذي قد يقبل هذه الأفعال من الصغار، ويعتبرها من قبيل الشقاوة، ولكن إذا فعل ذلك شاب يافع أو رجل جلل الشيب رأسه سيأخذونه إلى مستشفى المجانين.
كثير من المشاعر العفوية المشروعة نخفيها داخلنا كالسر، رغم عدم تعارضها مع الدين، نغلق عليها الأبواب الفولاذية، ونضع عليها المتاريس. والسبب أعراف اجتماعية ما أنزل الله بها من سلطان.
تمتنع عن الضحك بدعوى أنه يتعارض مع الوقار، وعن الركض خوفا من نظرات استهجان المارة، وتتجنب التعبير عن الحب للزوجة خوفا على السلطة الذكورية، وترفض الاعتذار تكبرا وتعاليا عن الاعتراف بالخطأ، وتكتم رغبتك في الغناء أثناء الحلاقة خوفا من شكوك أم العيال، .. وتأبى أن يركب أطفالك الصغار على ظهرك ـ أعزك الله ـ كالحمار حتى لا تذهب الهيبة الأبوية، وتحبس البكاء عند الحزن بدعوى أن الدموع تنتقص من الرجولة.
نصيحة مجربة: اعتزل التمثيل، وعبر عن مشاعرك الحقيقية وتصرف بعفوية، واكتشف مجددا جمال الحياة.