توجد في كثير من الدول العربية أزمة سكن، تتساوى في ذلك المجتمعات الغنية والفقيرة، ويرى البعض أن المستحيلات أربعة "الغول والعنقاء والخل الوفي وإيجاد مسكن"، والإيجارات ارتفعت للسقف، وتتفاقم هذه المشكلة لتصبح المعوق الأساسي أمام الشباب الراغب في الزواج.
ولكن لماذا لم تكن هذه المشكلة موجودة في الماضي، رغم تواضع المعيشة وبساطة الحال؟ . لقد كان النموذج الريفي في المعيشة هو الأساس، وهو نموذج "بيت العيلة"، وهو البيت الذي يتزوج فيه كل أفراد العائلة. كل أسرة تسكن غرفة من الغرف، وتتعاون بنات وسيدات الأسر في شؤون المنزل من إعداد الطعام إلى غسيل الأواني، وإطعام الماشية وجلب المياه.
ومع تزايد المدنية زاد المفهوم الإستهلاكي، أصبحت العروس تشترط شقة بأربعة غرف مفروشة من الإبرة إلى الجاكوزي، وتنامت النظرة المادية، وأصبحت وحشا أسطوريا يلتهم أحلام الشباب ويصادر المستقبل ويهدد السلم الاجتماعي.
أقترح عودة نموذج "بيت العيلة" لحل مشكلة المسكن، ولنأخذ من الغرب في ذلك عبرة، حيث الشقق هناك "أستوديوهات" صغيرة وبسيطة يبرز فيها حسن استغلال المساحات، وفي كثير من الأحيان تكون غرفة غسيل الملابس غرفة واحدة لكل العقار بتناوب عليها سيدات العقار بتنظيم معين، في صورة ما من الحياة العائلية التي أتحدث عنها.
"بيت العيلة" هو الحل لمشاكل الشباب اليائس الحالم بتكوين أسرة، وتبقى المشكلة في مجتمع عربي يأكل كالقطط أولاده، وقناعة من الصعب أن تتغير، ونظرة استهلاكية عنيدة تتجاهل الواقع، وتقاليد بالية ما أنزل الله بها من سلطان.