يقضي الإنسان العربي أوقاتا طويلة في أشياء صغيرة تافهة، لا تغني أو تفيد، وياليت النتائج تقتصر على ذلك، ولكن هذه الأشياء رغم تفاهتها تسحب من مخزون استراتيجي مهم وهو العمر.
السبب أنه لا توجد لدينا ثقافة الوقت. نهدر الساعات الثمينة في الثرثرة عبر الهواتف، أو المسلسلات العربية الطويلة، أو التسكع في الشوارع، أو التحديق في الهواء كالمجانين.
هناك من يقضى الوقت مثلا في التدخين، يسحب الهواء من السيجارة، وينفثه في الهواء، ويتأمل حلقات الدخان المتصاعد، يتثاءب ويتأفف ويتململ. يحك قفاه. يتحرك كالسلحفاة، بينما يركض الآخرون نحو العمل والنجاح، وهناك قائمة طويلة من العادات التي يعتادها الكثير من الناس، لا تفيد أحدا، وتأخذ حيزا كبيرا من أعمارنا وأحلامنا المؤجلة.
يحدث هذا رغم أن الدين يحثنا على السعي وإتقان العمل، يقول الحديث الشريف "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه"، وتقول معلمة الفصل "لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد"، ويقولون في الأثر "الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك"، ويقول التعبير الشعبي البليغ "اليد البطالة نجسة".
من المهم أن نتعلم قيمة الوقت، وأن نجيد استغلاله، ونقضي أوقات الفراغ في المفيد والمثمر، وأن نستثمر "العمر" كما نستثمر أي شيء، وندرك أن الوقت الذي يمر لا يعود.
الوقت كنز يفوق في قيمته الذهب واللؤلؤ والفدادين والأموال والأسهم، ولكن الكثيرون لا يدركون ذلك، يدخنون السجائر ويتأملون حلقات العمر، يبتسمون ببلاهة وهي تصعد وتتبدد في الهواء.