وفرت التقنية على الإنسان الكثير من الجهد والمال، ومنحته أبعادا لا متناهية من الرفاهية، ولكنها في المقابل أخذت منه أشياء كثيرة، منحته باليمين وأخذت منه باليسار، ضوء مبهر دغدغ مشاعرك، ولكن عندما انكسر لم تجد غير السراب، وعندما تحسب النتيجة تكتشف أن الصفقة خاسرة، وأنك تماما كالقروي الذي ذهب للعاصمة لأول مرة واشترى الترام.
السيارة، التلفاز، الإنترنت، مخترعات جميلة مدهشة أفادت الإنسان، ولكنها سرقت منه الكثير، فالسيارة وفرت عليه الوقت، ولكنها حرمته من المشي وفوائده العظيمة الصحية والنفسية التي أكد عليها الأطباء، عزلته في صندوق معدني وزجاجي مكيف، فافتقد متعة الركض خلف الباص، والتجول في الحارات، ومشاهدة الوجوه والملامح، ونداءات الباعة الجائلين.
والتلفاز وضع كمصباح علاء الدين العالم كله بين أطراف أصابعك، ولكنه حرمك من الحركة التي قال عنها الأجداد إنها بركة، وتضاعف وزنك حتى أصبحت كالفيل الصغير، وخلال رحلة التجوال عبر آلاف المحطات خسرت ـ يافالح ـ أثمن ما في الحياة وهو الوقت.
والإنترنت منحنا فرصة الاطلاع على سيل من المعلومات والشات والكتابة بسرعة إلى الأصدقاء، ولكنه في المقابل أخذ منا دفء المشاعر والعلاقات الاجتماعية والخطابات الورقية المرسلة المعجونة بالصدق والدموع. التقنية منحتنا الكثير من الأشياء الجميلة والمبهجة، ولكنها سرقت منا جمال الحياة.
تاريخ الإضافة: 2014-04-14تعليق: 0عدد المشاهدات :1206