وصف الشاعر الراحل صلاح جاهين المرأة بأنها أفضل وزيرة اقتصاد، وهذا التشبيه ليس مجرد استعارة، ولكنه اعتراف بدور المرأة الحقيقي في الاقتصاد المنزلي كمرحلة أولى. ثم اقتصاد المجتمع كمرحلة ثانية.
ومع اعترافنا بوجود النموذجين السلبي والإيجابي في أي مجتمع . لا يمكن أن ننكر الدور الذي تلعبه المرأة العربية في اقتصاديات الأسرة، فمع أن المجتمع العربي يعطي للرجل سلطات لا حدود لها. إلا أن الاقتصاد المنزلي ظل ـ حتى في أكثر المجتمعات محافظة ـ بيد المرأة، فالرجل يعمل ويحضر المال. بينما المرأة المسؤولة عن إنفاق هذا المال، وتدبير شؤون الأسرة المعيشية والتعليمية والصحية.
حتى لو كان راتب الزوج ضئيلا لا يكفي لآخر الشهر. تتحمل الزوجة مسؤولية التدبير والاقتصاد والتوفير حتى لا تهتز السفينة، وهناك وسائل فريدة تتبعها لتحقيق ذلك، ومنها تنظيم "الجمعيات" وتدوير الملابس على الأخوة والشقيقات، والعمل من المنزل، وتطبيق مفهوم "البيت المنتج" وفي الواقع قصص كثيرة لأسر متواضعة الحال قليلة الموارد، ولكنها قدمت للمجتمع الأطباء والمهندسين، وإذا تأملت إليها تساءل كيف تنفق وتعيش؟.
ظلمنا المرأة العربية طويلا عندما جعلناها مرادفة للإسراف والنهم في التسوق والمبالغة في المطالب، وحفلت الرسوم الكاريكاتورية بالعديد من الرسومات التي تصورها أنانية، مغرورة، مسرفة، ونسينا الدور الاقتصادي الحقيقي الملموس الذي تصنعه المرأة، والذي يتكرر في الكثير من الأسر.
من الأهمية بمكان التأمل في تجربة الاقتصاد المنزلي، والعمل على تطويرها، والأهم الاستفادة منها. ربما نكتشف في هذه التجارب البسيطة جدا حلولا لمشاكل أخرى كبيرة، ومن بينها الأزمة المالية العالمية.