كيف يعبر الرجل العربي عن فرحته؟، وكيف تعبر المرأة العربية عن فرحتها؟، في الغرب يعبر الشاب والشابة عن فرحتهما برفع القبعة، وإلقائها في الهواء، وهو مشهد نراه في حفلات التخرج، عندما يقفز مجموعة الخريجين بقبعاتهم تعبيرا عن فرحتهم بهذه اللحظة الفارقة في حياتهم.
وفي بعض الأحيان يعبر الشباب الغربي عن اندهاشه وفرحته بتعبيرات مثل WAW ، وهناك إشارات باليد يتبادلها الأصدقاء تعبيرا عن الاستحسان، ومنها أن يضرب الصديقين قبضتيهما، أو التلفظ بألفاظ مثل YES. أو yahoo.
ماذا يحدث إذا تم إبلاغ العربي بأنه فاز بمليون جنيه؟، سيقفز الشاب، ويتنطط، ويحتضن الأصدقاء، وربما يرقص من الفرح، أما المرأة العربية فسوف تلجأ إلى الزغرودة الشهيرة، والتي تستخدم للتعبير عن الفرح، خاصة في الأفراح.
والبكاء في وقت الفرح عادة عربية بامتياز، ورغم وجودها في الشعوب الأخرى، إلا أنها في العالم العربي تتخذ بعدا خاصا، فالعربي يبكي وقت الفرح، ويبكي وقت الحزن، إذا حرم من الشيء بكى، وإذا حصل عليه بكى أيضا، وهناك من لا يتحمل قلبه الضعيف الفرح، فيغمى عليه، وهناك من يتلقى خبرا مفرحا، فيحاول أن يفرح فلا يستطيع، فيسقط صريعا بعد إصابته بأزمة قلبية، وكأنه استكثر على نفسه أن يفرح أخيرا، فقرر أن يغادر الحياة تحت وقع المفاجأة.
هناك من يعبر عن فرحته بإطلاق النار، كما يحدث في الكثير من الدول العربية، حيث يتعمد الناس في مناسبات الزواج إطلاق الرصاص تعبيرا عن هذا الابتهاج، حتى لو تسبب هذا الابتهاج في سقوط قتلى وجرحى، وتحويل الفرح إلى مأتم.
وهناك من يعبر عن فرحه بالفوضى، فالبعض يعبر عن فرحته بالتدمير، كما يحدث في مباريات الكرة، عندما يخرج مشجعو الفريق الفائز أو حتى الخاسر ليحطموا السيارات والممتلكات، وكما حدث من مجموعة من الطالبات أردن التعبير عن فرحتهن بالانتهاء من الاختبارات بالذهاب إلى أحد المولات التجارية، وتعمد إحداث الفوضى في المحلات، مما استدعى حضور الشرطة لتفريقهن، وهناك فئة من الشباب تعبر عن فرحتها بقيادة السيارات بسرعة والتفحيط والكلاكسات العالية.
وللاعبي الكرة أساليب غريبة وطريفة في التعبير عن فرحهم بإحراز الأهداف، كالسجود، والرقص الفردي والجماعي، وخلع الملابس، وتقديم أداء تمثيلي، وحمل اللاعب الذي أحرز الهدف، وتقديم الإشارات الخارجة لجمهور الفريق المنافس، والقفز والجلوس على قائم التهديف، والتوجه إلى كاميرات التصوير، والإشارة بتحدى إلى شعار الفريق الموضوع على الصدر.
تختلف ردات فعل الإنسان حول الفرح، وتتعدد ردود الأفعال بين الفعل العادي والطريف والمتطرف، والأسباب هنا عديدة، فالتعبير عن الفعل أي فعل ثقافة شعبية، ناتجة عن ثقافة الشخص وبيئته الاجتماعية، ومادام تعبير الإنسان عن فرحته لا يضر بالآخرين، فأهلا به، ولا غضاضة منه، ولكن إذا تجاوز الأمر الحدود، وأضر بالآخرين . هنا يجب أن نتوقف ونقول لا..
في العالم العربي لا نفرح كثيرا، لحظات الفرح في حياة المرء قليلة ونادرة، الأساس هو الحزن، وإذا جاءت لحظة الفرح نتلخبط ونتلعثم، ولا نعرف ماذا نفعل؟، وكيف نعبر عن هذا الفرح، لذلك تأتي ردود أفعالنا غريبة، وفي كثير من الأحيان متطرفة.
الشخصية العربية تمجد الحزن، ولذلك أصبح الفرح في بلاد العرب غريبا، نادرا، فالقاعدة العامة هي الحزن والكآبة والوجوه المكفهرة العابسة، حيث ترتبط الجدية بالتجهم، والوقار بالعبوس، أما الفرح فقد ارتبط في الذهن باللامسؤولية والانفلات وعدم الاحترام.
إذا تأملت الفنون العربية ستكتشف غلبة الحزن، فالأعمال الدرامية والسينمائية والفنون التشكيلية وغيرها .. كلها تدور حول الموضوعات المأساوية ، أما الكوميديا فهي نادرة كنقطة ماء في بحر، الحزن في العالم العربي عملة رائجة، فإذا أردت أن تروج شيئا غلفه بالحزن، الحزن يؤثر في القلوب، ويستدر العطف والأموال، حتى الدين غلفه البعض بالترهيب والتخويف ووصلات العويل والبكاء، رغم أن ديننا في الحقيقة دين الفرح، والتفاؤل، وإحسان الظن بالله.
الإنسان العربي إذا فرح يكتم فرحه، ويلتفت يمنة ويسرة، خائفا كالمذعور من أن يكون شخص قد شاهده، ويتصنع التجهم، خوفا من الحسد، لذلك يخفي الناس أفراحهم، بل يدّعون الحزن والهم والكوارث، وهم بذلك لا يفرحون، حتى لحظات السعادة القليلة نقتلها ونئدها في المهد، كما كان الجاهلي يئد البنات، .. علاقة العربي بالفرح علاقة غريبة شاذة قلما رأينا مثلها، لذلك لا يفرح العربي أبدا.
نحتاج مؤسسة تعلم الناس أبجدية الفرح، وتقدم وصفات للتفاؤل والبهجة والحبور والسرور، مؤسسة تواجه تاريخ الحزن والخوف والتطير والتوجس الذي يعم البلاد، ويكون مهمتها نشر البسمة، والتشجيع على الابتسام والقهقهة والضحك من أعماق القلب، وذلك من خلال العديد من المظاهر كالنكتة والأعمال الساخرة الضاحكة وبرامج التلي ماتش، والزغزغة، والكوميديا، والبرامج الترفيهية، وملاهي الكبار.
مؤسسة تعلم الناس كيف يعبرون أفراحهم بالشكل الصحيح، وتقدم للجامعيات دورات في الزغاريد، وللرجال ورش في أنواع الضحك والصراخ وإلقاء القبعات والركض في الشوارع. مؤسسة تعيد الفرح إلى القلوب والوجوه الكالحة المتجهمة المكفهرة.