حتى الآن لم يعرف الإعلام العربي الاستقلال . فكل إعلام يروج لسياسة الدولة التي ينطلق منها. كل قناة تروج لأهداف وآراء ومزاجية مالكها، لكل وسيلة إعلامية أجندة خاصة تتحدد وفق أهواء صاحبها.
ولكن أمام مصر فرصة سانحة بعد الثورة لتأسيس إعلام عربي مستقل لأول مرة إعلام يحظى باحترام العالم أولا، ويستقطب المستهلك الذي يبحث عن الحقيقة ثانيا.
إلغاء وزارة الإعلام:
الدول الديمقراطية ليس فيها وزارة إعلام، حيث الإعلام طائر مغرد لا يملكه أحد غير قابل للبيع أو الاحتكار ، التقنية غيرت مفهوم الإعلام، وبعد أن كان للإعلام اشتراطات، وإجراءات ورخص، وميزانيات ضخمة، أصبح الإعلام مهمة الجميع.
القنوات الإقليمية:
القنوات الإقليمية في عصر الفضاء المفتوح لا جدوى لها. كان من الممكن أن تفيد من 20 عاما يوم أن كان لمشاهد المصري لا يشاهد إلى قناتين أولى وثانية، اليوم في عصر آلاف الفضائيات أصبح المشاهد يتابع قنوات عربية وعالمية.
القنوات الإقليمية إما أن تتحول إلى مشاريع إعلامية اقتصادية مربحة من خلال خطة شاملة تحدد رؤيتها وجمهورها وأهدافها التسويقية، أو تحول إلى قنوات عامة تضاف إلى باقة القنوات المصرية العامة التي يشاهدها العالم.
الإعلام التقني:
28 مليون يستخدمون الإنترنت في مصر، هذا الرقم يحتم علينا تغيير النظرة الإعلامية وتوجيه رسائلنا إلى المستهلك الصحيح، لذلك سيتم الاهتمام بالإعلام الفضائي الذي بدأ يقوى، ويشتد عوده، من خلال ظهور إذاعات وقنوات على الإنترنت.
سوف نهتم بالإعلام الجديد الذي ألغى احتكار التلفزيون للإعلام، فقد أصبح الإعلام الآن على الكمبيوتر ،والهاتف المحمول، والآي باد ، وغيرها من وسائل التقنية الحديثة.
لذا علينا مواكبة التطور الإعلامي الذي سيكون له لاشك تأثيرات إعلانية وثقافية، وتأثيرات على نسب المشاهدة وغيرها.
توثيق التاريخ:
يجب الشروع فورا في إنشاء شركة بالتحالف بين التلفزيون الرسمي ومدينة الإنتاج الإعلامي وبعض مؤسسات القطاع الخاص، تضطلع بمهمة إنتاج الأفلام الوثائقية.
من العيب أن تملك مصر كل هذا التاريخ، وأن تكون حجرا للزاوية في العديد من الأحداث التاريخية، وأن تحجم عن التوثيق، وتترك الساحة لقنوات عربية تملك المال ، لتكتب تاريخها "الملاكي الخاص" الذي يقدم التاريخ من وجهة نظرها.
المهمة الأولى التي ستضطلع بها هذه الإدارة توثيق "ثورة 25 يناير" بأسلوب عالمي، وتسويقها إلى كافة الفضائيات العالمية.
سوف تتميز التجربة المصرية في التوثيق بعنصر مهم وهو الصدق . لن يهتم التوثيق المصري بالرؤية المصرية .. سيكون هدفه الأساسي هو الحقيقة . وهذا ما سيدفع المشاهد لعربي لاحترامه والإقبال عليه.
وفي هذا الاتجاة يتم إطلاق قناة "مصر الوثائقية" نقدم من خلالها الإنتاج المصري بطريقة حصرية تباعا.
يجب أن تبدأ مصر في كتابة التاريخ الحقيقي الذي لا يعرفه أحد واعتبار هذه المهمة مهمة قومية.
الإعلام الخدمي:
يجب أن يتميز الإعلام المصري بجانب لم ينتبه إليه أحد وهو الإعلام الخدمي الذي يعتمد على تقديم الخدمة، نحتاج إلى قنوات يكون هدفها اللأساسي خدمة المشاهد، بتقديم الدروس الخصوصية، ومحو الأمية، وتقديم الكشف الطبي المجاني، وجمع التبرعات لمشاريع قومية، ولغير القادرين، وغيرها.
قناة ميدان التحرير:
إنشاء قناة جديدة تعتمد على البث المباشر اسمها "ميدان التحرير"، تركز على ميدان التحرير كرمز للحرية والديمقراطية وتنقل منه بشكل مباشر الأحداث والتظاهرات والتفاعلات السياسية المختلفة. حتى تفاصيل الحياة العادية.
تحرير الإعلام:
ونعني به رفع كافة القيود على إطلاق الصحف وإنشاء القنوات الفضائية، أو قنوات الإنترنت. وإتاحة مساحة غير محدودة للنقد والتعبير عن الرأي، وجعل النقد في مصر ثقافة إعلامية خاصة، وإخفاء الحقيقة جريمة، لأنه بدونه النقد لا تنهض الشعوب.
ميثاق العمل الإعلامي:
يجب تفعيل وتطوير ميثاق العمل الأعلامي سواء أكان مكتوبا أم مرئيا أم مسموعا. الإعلام يمكن أن يكون أداة مهمة للبناء، ويمكن أيضا في المقابل أن يكون أداة للهدم وتدمير البلاد.
ولكن المهم ليس فقط وجود ميثاق . ولكن الأهم الالتزام به ومعاقبة كل من يخرج عنه. وهنا يبرز دور النقابات في وضع الآلية الخاصة بتنفيذ الميثاق وإلزام منتسبيها على الالتزام به، وتنفيذ العقوبات اللازمة على المخالفين.
الإعلام الغبي:
أحد أمثلة إساءة استخدام الإعلام والتي ظهرت بعد الثورة، قيام بعض الفضائيات عن غباء أو عن قصد بتوجيه الحشود لتدمير الممتلكات العامة. حدث هذا من فضائيتي "الجزيرة" و "العربية" اللتين كانتا تقدمان ضمن تغطياتهما الإخبارية عن الثورة ووقائعها مخططات خرائطية توضح للمشاهد ـ ومن بينهم المتظاهرين طبعا والمخربين معهم ـ مكان المباني والمنشآت الحيوية، وموقع التظاهرات من تلك المنشآت, وكأنهم يقدمون خدمة إرشادية للمتظاهرين ويحرضونهم على مهاجمتها.
نفس الأمر حدث من فضائية CBC حيث تردد أن المذيع خيري رمضان أذاع خبرا عن حرق المجمع العلمي قبل أن ينفذ، كما قام بعض المسؤولين بالحديث في التلفزيون المصري وأكدوا سلامة المجمع، ولكن بعد ساعات تم إحراقه، وهو ما أثار العديد من علامات الاستفهام ، وهو أيضا ما يؤكد الدور الغبي الذي تلعبه بعض الفضائيات في توجيه الحشود وتحريضها.
الإعلام الغبي نجده أيضا في بعض الفضائيات التي كانت تروج ـ عن غباء أو قصد ـ لفكر التنظيمات المتطرفة، ومنها تنظيم القاعدة، ظنا منها أنها تقدم سبقا صحفيا، ولا نرفض احتمال استخدام هذه التنظيمات الفضائيات لتوجيه رسائل مشفرة إلى أتباعها وأعضائها في الدول المختلفة.
"حرق المجمع العلمي" حدث لا يجب أن يمر مرور الكرام، وسيظل سرا غامضا يضاف إلى أسرار وألغاز الثورة المصرية، وعلى الأجهزة المسؤولة أن تكشف أسراره، وتجيب على الأسئلة .. هل كان مدبرا؟، ومن هؤلاء الذين قاموا باعتلائه وقذف المتظاهرين؟، ولماذا لم يقم الأجهزة بإنقاذه؟، وما هو سبب إعلان العقيد المقيم بأميركا عمر عفيفي قبل احتراقه بيوم على صفحته على "فيس بوك" بأنه علم أن هناك مخطط لحرق "مجلس الشعب" يعقبه إعلان الأحكام لعرفية، تم بعد بذلك بيوم يحرق المجمع العلمى؟. وما حقيقة الزعم بأن الموساد يقف وراء حرق المجمع وسرقة وثائق هامة تتعلق بالنيل، وطابا، وحلايب، وشلاتين؟، ولماذا قامت قناة "الجزيرة" بإذاعة خريطة لمصر حذفت منها "حلايب"؟، وهل فقد أو حرق هذه الوثائق تؤثر على موقف مصر في قضايا النيل وحلايب وشلاتين وغيرها ..؟
والسؤال الأكبر هو دور الأجهزة المسؤولة المفقود في حماية المباني والمنشآت الحيوية والوثاق الهامة التي تمس الأمن القومي؟.
تاريخ الإضافة: 2014-04-11تعليق: 0عدد المشاهدات :942