الشارقة: كتب.
وسط حضور أدبي وثقافي وإعلامي لافت، وقًع الروائي والمفكر الكبير الدكتور عمر عبد العزيز كتابيه الجديدين "مهيرة" و"ألوان القلوب.. لمحات من حضرموت" في معرض الشارقة الدولي للكتاب 43، الذي يقام في الفترة من 6: 17 نوفمبر في إمارة الشارقة.
رواية "مهيرة" الصادرة عن دار أوراق في الإمارات تتمة ثلاثية الكاتب في أدب السير الغيريّة، والتي بدأها برواية "مريوم" عام 2015، تلك المرأة المخبولة التي عاشت في أحد الأحياء في دبي في القرن الماضي، وكانت غريبة لا يعرف أحد من أين جاءت، ليقدم من خلالها المؤلف نصاً سردياً مشحوناً بجرعات من الخيال الشعبي التي يستقيها من حكايات المجتمع التقليدي وتصوراته.
ثم جاءت رواية "الشيخ فرح ود تكتوك – حلال المشبوك" عام 2018، والتي يوظف فيها المؤلف سيرة الشيخ فرح في السودان، وهو أحد الرجال الذين عرفوا بالحكمة والفراسة والأقوال الخالدة، ليطرح من خلالها أفكارًا فلسفية سيكولوجية وسوسيولوجية، متجاوزًا السيرة الذاتية إلى مستويات أخرى بسعة التاريخ والجغرافيا والإنثربولوجيا السودانية.
"مهيرة" قصة فتاة عرفها أهل ديرة الشارقة في النصف الأول من القرن العشرين، لم تكن تختلف عن جموع الفتيات البحراويات إلا في قامتها المديدة، ولونها العنبري المضمخ بالأنسام الزكية، حتى إن عبورها اليومي من درب الحارة الممتد من البحر إلى البحر كان مناسبة لكرنفال رائحة شجية، تخرج من أعطافها لتنشر أريجاً من سندس ياقوتي فيه الرائحة المثيرة مع طيف جسدها الممشوق كخيزرانات الأيام الخوالي.
من أجواء الرواية : "في عوالم النقطة والدائرة وجد الفنان في تكوينات مهيرة الجسدانية توازناً مِزاجه الدوائر وأنصاف الدوائر، فيما تفرض التوشية جمالها الخاص حالما تتجاوز الرصاص والفحم إلى الأكريليك والماء، فتتعالق التبئيرات المتغايرة للجسم حيناً، مع تجريدات فنية أحايين أخرى، ودرجات توقيعات "لونبصرية"، تتفاوت تناسباً مع التوقيعات الفنية المتسارعة أثناء الأداء، حتى أن استحضار مهيرة في لوحاته اتسم بقدر واضح من العفوية المتسارعة والتناوبات الأسلوبية المتتالية.
التصاقه المعنوي والدلالي بسيرتها، كان نمطاً من العشق المتروحن، ووسيلة لإنصاف الأنثى المكافحة التي كانت نموذجها الساطع في خمسينيات قرن البهاء والرواء العشريني.. مهيرتنا الماثلة في هذه السردية".
أما كتاب "ألوان القلوب.. لمحات من حضرموت"، الصادر عن دار أوراق في الإمارات، فهو عبارة عن مجموعة من المقالات كان قد نشرها في جريدة 30 نوفمبر الصادرة في مدينة المكلا اليمنية، خصصها الكاتب للحديث عن الملامح الثقافية الأنثروبولوجية لحضرموت.
وحضرموت محافظة وسطى في اليمن ذات حواضر عريقة في التاريخ أزلية "بعبارة المؤرخين"، ولها ساحل على بحر العرب ممتد على مدى 120 كيلو متراً تتركز عليه أهم مدن المحافظة، ما جعلها تاريخياً مفتوحة على العالم، وفتح الباب أمام أبنائها لركوب البحر مهاجرين مختلف أنحاء العالم ما جعلهم يكونون مجتمعات حضرمية في آسيا وإفريقيا وأوروبا.
يذكر أن الدكتور عمر عبدالعزيز مفكر يمني موسوعي وروائي وفنان تشكيلي، قدم أكثر من مائة إصدار في مختلف مجالات المعرفة، وهو مدير إدارة النشر في دائرة الثقافة في الشارقة، ورئيس تحرير مجلة "الرافد" الثفافية، وهو رئيس مجلس إدارة النادي الثقافي العربي.
وساهم الدكتور عمر عبدالعزيز على مدى نصف قرن في إثراء الثقافة العربية، بمؤلفاته التي تمثل إضافة فكرية حقيقية، وبجهوده الكبيرة في مجال النشر الذي تقوده الشارقة عاصمة الثقافة، حيث قدم العديد من الباحثين والنقاد والمبدعين.
ولد عمر عبد العزيز لأبوين يمنيين يقيمان في الصومال التي كانت حينئذ تحت الاستعمار الإيطالي، وتبعاً لذلك كان عليه أن يدرس في المدرسة الإيطالية، فتوفرت له بذلك روافد ثقافية متنوعة: الرافد العربي الإسلامي، واليماني على وجه التحديد، والرافد الصومالي العربي الإفريقي، ثم الرافد الإيطالي اللاتيني.
ودرس الدكتور عمر عبدالعزيز الاقتصاد في جامعة بوخارست، وحصل على الماجستير في العلاقات الاقتصادية الدولية والدكتوراه في العلوم الاقتصادية، لتشكل شخصيته أربع حضارات، ونتيجة لهذا التواشج الثقافي أتقن عددا من اللغات هي الإيطالية، والصومالية، والإنجليزية، والرومانية، إضافة إلى العربية.