ستفشل محاولات النظام لتشويه تظاهرات 30 يونيو 2013، التي تهدف إلى سحب الثقة من الرئيس مرسي، والمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة، هذه المحاولات التي اعتمدت على جبهة إستراتيجية فاشلة، وهي إلصاق تهمة "الفلول" بها، بدأت للأسف من رأس الدولة في الاحتفال الموجه المريب الذي تم على عجل السبت الماضي لإعلان "الجهاد" ليس في "فلسطين" ولكن في "سورية الشقيقة".
هذه المحاولات التي التقطتها بسرعة شبكة أخطبوطية من اللجان الألكترونية والإعلاميين والصحفيين الذين يطبِّلون للنظام، ويأكلون على موائده، والذين اصطلح على تسميتهم بـ "المتأخونين".
ستفشل محاولات وأد الفكر الثوري في هذا الشعب، كما فشلت مساعي أخرى عديدة لسرقة الثورة، وتصفيتها بالقتل البطيء، تماما كما تعثرت محاولات تشويه "ميدان التحرير"، والتي شارك فيها رئيس الحكومة الدكتور هشام قنديل الذي قال ساخرا إن "كيلومترا واحدا فقط هو المسؤول عن عدم الاستقرار في مصر، وهو ميدان التحرير، فيما باقي البلد مستقر". وبقى الميدان رمزا شريفا لانتصارات الثورة المصرية وإحباطاتها.
ولأن تشويه الخصم منهج إخواني حدث نفس الأمر مع جبهة المعارضة، ورموزها وثوارها، بدءا بتسريب أخبار عن التحقيق مع رموزها، مرورا بجرجرة بعضهم كل يوم والثاني للتحقيق في بلاغ بهذه التهمة العجيبة التي استحدثها النظام، وهي "إهانة الرئيس"، وانتهاء بفتوى تكفير المعارضين.
وفي إطار "الأسطوانة المشروخة" التي يعزفها الإخوان، بدأوا باستماتة في تشويه رمزين كبيرين من رموز مصر الوطنية "حمدين صباحي، ومحمد البرادعي" وهي المحاولة "المكشوفة" التي أثارت سيلا من التعليقات الساخرة، والرسوم الكاريكاتورية والكوميكس على مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، و"تويتر".
والغريب أن ذات التشويه وصل إلى التيارات الإسلامية التي كانت إلى وقت قريب جلاس النظام ومن أشد حلفائه، ولكن عندما اكتوت بناره آثرت السلامة وقالت "يافكيك"، هربت من "جنة" النظام" بعدما اكتشفت أنها "نار".
أما البعض الآخر فمازال يراوح مكانه، لا يعرف أين يذهب، وقرر أخيرا أن "يساوم" ربما "ينوبه من الحب جانب"، يؤكد ذلك ما قاله طارق الزمر منذ أيام " إن تأييدنا لمرسي ليس مجانا".
ولا يمكن أن نفصل "فشل" خطة التشويه الكبرى التي يديرها الإخوان عن "الفشل العام" الذي قدموه في كافة مناحي الدولة، بدءا بالاعتداء على القانون، وانتهاء بالمؤتمر السري الخاص بمناقشة موضوع سد النهضة، والذي تم بثه على الهواء مباشرة، دون علم الحاضرين، والذي مازال العالم يضحك علينا بسببه حتى الآن.
ستفشل خطة "الإخوان" في تشويه تظاهرات 30 يونيو ، لأن الداعين لها ببساطة أصحاب الثورة الأصليين الذين قدموا كل نفيس من أجل الحرية، لأنهم هم من حرروا الوطن، فكان جزاؤهم جزاء سنمار، لأنهم هم من أوصلوا الإخوان إلى الحكم بحسن نية أملا في الإصلاح والبناء والمشاركة، ولكن كما يقول المثل "آخرة خدمة الغز علقة".
فزاعة "الفلول" لن تنجح . لأن الشعب يعي تماما أن "الإخوان" أنفسهم العضو المنتدب لمجموعة " الفلول"، ومواقع التواصل تمتليء بقصاصات لأحاديث صحفية تؤكد العلاقة الخاصة التي كانت بين "الإخوان" والنظام السابق"، وموافقتهم على "التوريث"، وتنسيق "مرسي" نفسه في بعض الدوائر الانتخابية مع "الوطني" ووجود تفاهمات بينهم وبين "الأمن".
من المضحك بعد مرور أكثر من عامين ترديد كلمة "الفلول"، وإلصاق الفشل بمصطلح مات وشبع موت، خاصة بعد أن تسبب أداء نظام الإخوان الفاشل في امتداح كثيرين لنظام مبارك الذي نعموا في ظله ـ رغم ظلمه ـ بأشياء عديدة افتقدوها الآن.
الإخوان يضعون رؤوسهم كالنعامة في الرمل، ويصرون على معاملتنا كشعب فاقد الأهلية، يريدون إقناعنا بأن الـ 15 مليون الذين وقعوا بحملة "تمرد" .. "فلول" . إذا كان ذلك الزعم صحيحا، فعلينا ـ وفقا لتعليق "أصاحبي" إعادة الرئيس السابق للحكم، وأن ندخل جميعا السجون.
الطريف أن "الإخوان" يستخدمون نفس الأسلوب الذي كان يمارسه النظام السابق، فنظام مبارك كان يستخدم"فزاعة الإخوان"، ويقول أنا أو الفوضى، واليوم الإخوان بالعكس يستخدمون "فزاعة الفلول"، ويقول نفس الكلام "نحن أو الفوضى".
النظام الحاكم في مصر مارس بحق القوى الوطنية الإقصاء، والتخوين، واعتدى على القضاء، وأخرج دستورا لا يرضى عنه معظم فئات الشعب، وراهن بمستقبل الوطن، ومكنّ غير الأكفاء، وأطلق يد عشيرته في خطف وتعذيب وقتل المعارضين، وبدلا من أن يقدموا مصلحة الوطن ، قدموا مصلحة التنظيم الدولي الذي يحمل أجندة غير وطنية، ويحلم بوهم اسمه "الخلافة"، لذلك ولأشياء أخرى كثيرة خرج الشعب ليسترد ثورته.
قضى المصريون على "الخوف" في ثورة 25 يناير 2011 السلمية، وأسسوا بذلك واقعا جديدا، لا مكان فيه لظلم أو طغيان، لذلك يثورون في 30 يونيو من جديد بنفس السلمية ضد مرسي، وسيثورون ضد أي نظام مقبل لا يعترف بحقوقهم، أو يتهاون في الحفاظ على مكتسباتهم الحضارية.