تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



المرأة المبدعة | الأمير كمال فرج


المرأة الوجه الحقيقي للثقافة، فهي من تلد المبدعين، تعلم طفلها الأبجدية، وتمسك يده الصغيرة ليكتب ألف باء ..، وتقوّم ـ بصبر ـ لثغته في نطق الحروف، وتوسّع مخيلته بحكايات ما قبل النوم، وتغذي ملكات الإبداع فيه منذ أن ينطق كلمة "بابا" لأول مرة.

قال سقراط: "عندما تُثقِّف رجلاً تكون قد ثقَّفْت فرداً، وعندما تثقّف امرأة فإنما تثقِّف عائلة بأكملها". في نفس المعنى قال أمير الشعراء أحمد شوقي : "الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها .. أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ".

والمرأة منبع المشاعر، فبعاطفة الأمومة وحدها تستأثر بأسمى المشاعر الانسانية، وبعاطفة الحب لا تحافظ فقط على النوع، ولكن تنشر السعادة بين البشر.

وفي كل مجالات الإبداع كانت المرأة دائما مصدرًا للإلهام، معظم الأعمال الأدبية ألهمتها المرأة، لولاها لأقفرت الكتب، واخشوشنت العبارات، وتحولت القصص والروايات إلى تقارير إنشائية كتقارير الطقس.

وعلى مر التاريخ، كانت المرأة شاعرةً وأديبةً وصاحبة مجالس أدبية يؤمها الأعيان والشعراء ليتحدثوا في شؤون الشعر والأدب، وتتم فيها المساجلات الشعرية، وقد حصرت الدراسات الأدبية أكثر من 86 شاعرة عربية من الجاهلية مرورا بالإسلام إلى ما بعد العصر الأندلسي، مثل علية بنت المهدي، وولادة بنت المستكفي، وليلى العامريّة، وليلى الأخيليّة.

ومن شاعرات الجاهلية الخنساء والتي وضِعت في مصاف الشعراء الرجال، أو فضّلت عليهم، وأجمع أهل العلم بالشعر أنه لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها.

كانت المرأة المبدعة مثار فخر في القبيلة، بها يُضرب المثل في رجاحة العقل والفكر الرشيد، وكان المجتمع يحرز لها المكانة، ويطلب منها الشورى، وكانت تقارع الشعراء. أنشدت الخنساء في سوق عكاظ بين يدي النابغة الذبياني وحسان بن ثابت رائيتها التي رثت بها أخيها صخرًا، وعرفت بـ "بكّاءة بني سليم".

وتذخر المصادر الأدبية بالعديد من قصائد الشاعرات، والتي تكشف عن طلاوة وحلاوة، وحسن ديباجة وبلاغة وبيان، وفي كتاب "شاعرات القبائل العربية" صنّف أبو عبيد الله المرزباني الشواعر وفقاً لقبائلهن، وأسند الأخبار إلى مصادرها من رواة أو محدثين.

وعلى مر العصور ارتبط الرسم البياني لإبداع المرأة بعوامل اقتصادية واجتماعية وأحيانا سياسية، فكلما زاد تمكين المرأة ارتفع مؤشر الإبداع، وكلما تراجع، قلّ. وبشكل عام في مجتمعات ذكورية يهيمن عليها الرجل، افتقدت المرأة العديد من الحقوق ومن بينها حق البوح. وتوقف إبداع المرأة في كثير من الأحيان على المساحة التي يتيحها الرجل. تقول أحلام مستغانمي "إبداع المرأة مرتبط بشجاعة الرجال لا بموهبة النساء".

ووصلت الهيمنة الذكورية إلى حد أن رأينا الرجل الأديب هو من يعبر عن أدق مشاعر المرأة، وخصوصياتها،  بل هو من يناقش قضاياها الأدبية في ظل غياب صاحبة الشأن، حتى أن أول دعوى لتحرير المرأة في مطلع القرن العشرين كانت على لسان رجل هو قاسم أمين. بعد أن لاحظ أن المرأة محرومة من العديد من الحقوق مثل التعليم والعمل العام.

وفي العصر الحديث واجهت المرأة المبدعة تحديات كثيرة، اعترفت روائية عربية بأنها لم تتمكن من كتابة روايتها الأولى إلا بعد الأربعين، بسبب الزواج والإنجاب ورعاية الأطفال.

إلا أن التحديات المجتمعية كانت أقوى، فقد حوصرت المرأة بنظرات قاسية، وهو ما دفعها إلى التخفي وراء الاسم المستعار.  اضطرت أديبة عربية إلى حرق 900 رسالة أدبية من أصل 1000 خوفا من نظرة المجتمع.

وتدفع الظروف الاقتصادية المرأة أحيانا إلى تحدٍ جديد وهو العمل المضني لتأمين لقمة العيش، ولعل الدليل على ذلك نموذج المرأة المعيلة التي تعيل الأسرة، وهو ما يجعل الكتابة ترفا لا تقدر عليه.

وفي عصر النهضة العربية، حظيت المرأة المبدعة بالاهتمام، فلمعت أسماء مثل الآنسة مي زيادة التي كانت تتقن تسع لغات، ويجتمع في صالونها الأدبي في القاهرة كبار الأدباء والمفكرين.

والآن، رغم انتهاء حقبة الأسماء المستعارة بارتفاع وعي المجتمع، لازالت هناك تحديات أخرى تواجهها الأديبة العربية، والتي تعيق وتؤخر وتمنع أحيانا الإبداع النسائي.

وبالنظر إلى الدور الاجتماعي للأدب، حيث كان ـ في كل العصور ـ تعبيرا عن النفس والإنسان والمجتمع، وهو معيار صادق بشكل قد يفوق الدراسات البحثية، فإن دراسة أدب المرأة يمكن أن تفيد، ليس فقط على مستوى الإبداع الأدبي والجمالي، ولكن في سبر سيكلوجية المرأة العربية، وهو ما يساعد في التعرف على قضاياها الحقيقية..

يجب دراسة حالة المرأة المبدعة، وأنا زعيم أن ذلك سيكشف روافد إبداعية جديدة تعزز الابداع الإنساني. لا أقصد بذلك المجاملة والتمييز أو "الطبطبة"، ولكن بالنقد والتأطير والفهم، ودراسة الواقع، وتحديد السمات الفنية، ومنطلقات الإبداع النسوي، وسبل تعزيزه .. بذلك تنفتح نوافذ الشمس، ويخرج العصفور من قفصه، ويحلّق إبداع المرأة من جديد، ليضفي الكثير من السحر والألق على العالم.

تاريخ الإضافة: 2024-01-21 تعليق: 0 عدد المشاهدات :284
1      0
التعليقات

إستطلاع

مواقع التواصل الاجتماعي مواقع تجسس تبيع بيانات المستخدمين
 نعم
69%
 لا
20%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات