تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



إرث الأديب | الأمير كمال فرج


يهتم الورثة عادة بما تركه الراحل من ميراث، سواء أكان أراضي أو أسهم، أو أموال سائلة في البنوك، عندما يتلقى كل منهم إعلان الوراثة الذي تصدره المحكمة ويحدد المستفيدين من الراحل طيب الله ثراه ، تبتهج أساريرهم، ثم تعود للتجهم الذي يناسب حالة الحزن.

الجميع يهتمون بإرث الإنسان المادي، ولا يفكر أحد في الإرث المعنوي، وهو الأبقى عندما تتبدد الأموال، وتذهب إلى مصارفها المتعددة في الحياة .

إرث الأديب أين يذهب؟ .. الثروة الحقيقية التي أنفق من أجلها جلّ عمره، .. أقلامه، أوراقه، نظارته السميكة، مخطوطاته، مشاريع كتبه، أحلامه التي لم تكتمل، السنوات الطويلة التي ذهبت في البحث والقراءة والتقصي والكتابة وترسيخ القيم الجميلة .. أين تذهب؟.

كثير من الأدباء العظام، عندما ماتوا، لم يلتفت الورثة إلى الإرث الكبير، قد تحظى أغراض الأديب وكتبه وأشياؤه في البداية بنظرات متحسرة، ودموع على الراحل الذي كان ملء العين والبصر، ثم غاب، ولكنها تنتهي ـ في أفضل الأحيان ـ في غرفة يطويها غبار النسيان، أو في  كراتين ضاق بها المكان، فتم حشرها في الشرفة .

وفي حالات أقسى يتخلص منها الورثة سواء الزوجة والأبناء، وهناك قصص دامية لعظام ماتوا فدمّر الورثة آثارهم من مكتبات ومكاتب وشقق وفيلات، وباعوها من أجل المكسب السريع، مرددين الشعار القاسي "الحيّ أبقى من الميت".

في حالات قليلة نلتمس لأسرة الأديب العذر، فالإيقاع السريع اللاهث للحياة يدفعنا إلى نسيان أشياء كثيرة، وقيم كثيرة، ولكن ما لا نتسامح معه تبديد إرث الأديب.

يؤلمني كثيرا عندما أجد أبناء يهملون إرث آبائهم الأدباء، ويؤلمني أكثر عندما يتعرض هذا الإرث للتدمير سواء بحسن نية أو سوء، وفي المقابل أسعد وأبتهج عندما أرى أبناء يعملون بجد على نشر إرث آبائهم، ومواصلة مسيرة الراحل، حتى لو كانت بخطى قليلة ومتباعدة .

فهذا شاب قرر بعد وفاة والده الشاعر أن يتبنى رسالته الأدبية، وينشر صفحة باسمه على موقع للتواصل الاجتماعي، وينشر قصائده، فتحظى بالتفاعل، وكأنه لا زال موجودا حتى الآن، وهذا آخر خصّص وقته وجهده لجمع آثار والده الشاعر الراحل، وكأنه مكتب إعلامي لوالده الراحل يعمل ويتحرك رغم غياب صاحبه الكبير.

ويحضرني هنا نموذج مشرف، وهو "سعود" ابن شاعر الامارات الكبير  محمد بن سلطان الدرمكي ( 1940 -1998) ـ الذي لا زال رغم وفاة والده منذ ما يقرب من 25 عاما ـ يعمل على توثيق وجمع ونشر أشعار والده، ولا يمر أسبوع إلا ويرسل لي عبر الواتس الجديد في ذلك ، سواء استفسار عن حوار لوالده نشر في صحيفة ما، أو إخباري بندوة تناقش أشعار والده الراحل. 

النموذج الثاني المشرف هو محمد ابن الشاعر الراحل الدكتور محمد محسن، الذي توفى منذ سنوات وترك إرثا شعريا مميزا ، محمد الابن مشغول دائما بإرث والده ، يعمل على مدار الساعة على نشره وتوثيقه، بل والدفاع عنه.

ونظرا لأن والده ـ رحمه الله ـ كان من أعز أصدقائي ورفيق الرحلة الأدبية،  فقد خصني بقضية انتحال أحد الشعراء لقصيدة كتبها والده، وزودني بالتفاصيل، ونظرا لاقتناعي التام بنسب القصيدة لمحمد محسن، فقد كتبت عن هذه الواقعة .

ويواصل محمد الابن الاحتفاء بإرث والده الشعري رغم مرور أكثر من عشر سنوات على رحيله، وفي إطار ذلك يدير صفحة باسم والدع على فيسبوك، ينشر فيها يوميا قصائده .

وفي إطار حرصه على توثيق إرث والده نجح محمد الإن في التعاقد مع مؤسسة هنداوي تم موجبه نشر نسخ من دواوين الراحل الدكتور محمد محسن على الإنترنت.

تحرص الدول المتقدمة على الحفاظ على إرث الأدباء، حيث تحول بيوتهم إلى متاحف، ومقار للأنشطة والندوات والإقامات الأدبية التي يدعى لها الأدباء من كافة أنحاء العالم، ولكن في العالم العربي يذهب إرث الأديب غالبا إلى مصيره المحتوم .. الكراتين.

أتمنى أن ننتبه جميعا إلى "إرث الأديب" وأن توجد جهة رسمية أو غير رسمية، تُعني بجمع وحفظ وتوثيق هذا الإرث العظيم، خاصة وأن التقنية أتاحت لنا إمكانات كثيرة، يمكن استخدامها في هذه المهمة.

ولذلك فوائد كثيرة، فهو من ناحية حفاظ على قيم ثقافية وأدبية مهمة، يجب أن تبقى زادا للأجيال الجديدة، ومن ناحية أخرى هو إحياء لذكرى الأديب، وتذكير به، وإنتاجه الأدبي، ورحلته الأدبية، وكما قال أمير الشعراء أحمد شوقي:"فالذكرُ للإنسان عُمرٌ ثاني".

والأهم إن الحفاظ على إرث الأديب تذكير بالدعاء له،  قال رسول الله ﷺ : "إذا مات ابن آدم؛ انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".

تاريخ الإضافة: 2024-01-21 تعليق: 0 عدد المشاهدات :316
1      0
التعليقات

إستطلاع

مواقع التواصل الاجتماعي مواقع تجسس تبيع بيانات المستخدمين
 نعم
69%
 لا
20%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات