تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



طلب انفصال | الأمير كمال فرج


ماذا يحدث إذا قررت الأمم المتحدة حق كل جماعة، أو مدينة، أو ولاية، أو مجموعة عرقية، أو دينية، أو مذهبية في الانفصال؟، ماذا يحدث إذا أعلنت أن لكل جماعة الحق في الاستقلال في دولة مستقلة لها علمها وجيشها واقتصادها الخاص، وبالطبع رئيسها الخاص.. ، وأن على الأنظمة .. جميع الأنظمة ـ أن تشجع ذلك،  وألا تواجهه ـ كما يحدث ـ بالقمع وتهمة الخيانة العظمى..، وفتحت الأمم المتحدة مكاتب خاصة محمية بقوة المنظمة الدولية في جميع الدول لتلقي طلبات الانفصال؟.

أعتقد أن ذلك لو حدث ستجد مئات من الجماعات والعرقيات والمدن والقرى والولايات تتسارع زارفات وجماعات للتقدم بطلبات الانفصال، وسوف تقابلك هنا نماذج عديدة وغريبة، ستجد بين الطلبات طلبا باستقلال جنوب لبنان، واليمن الجنوبي، وطلبات استقلال من جميع الولايات الأميركية، وعلى المستوى المحلي ستجد أن هناك طلبا باستقلال البرلس، وطوخ، وأسيوط، والغردقة، وطنطا، عزبة قحافة، مئات المدن والقرى والأحياء ستسارع بتقديم طلبات للانفصال.

الأقباط سيطالبون بالانفصال، واليهود كذلك، وأتباع البهائية، والقاديانية الأحمدية، والشيعة، والطرق الصوفية أيضا ستطالب بدولة مستقلة، الإخوان المسلمون أيضا سيحلمون بدولة خاصة شعارها "الإسلام هو الحل". الأندية الرياضية كذلك ستطالب بالانفصال. أحزاب المعارضة سيقدم كل منها طلبا خاصا للانفصال، ليحقق كل حزب أمله في دوله خاصة يحقق فيها برنامجه الخاص، وهكذا سيتحول الأمر إلى فوضى حقيقية.

النزعة إلى الانفصال نزعة بشرية، إفراز غير طبيعي للأنانية والفردية والرغبة المحمومة في تحقيق المكاسب الخاصة، الرغبة في السلطة، والمنصب، والجاه، والمال، والتسلط على الآخرين، وإذا فتحنا الباب لهذه الشهوة سنفاجأ بتفتت العالم إلى آلاف من الدويلات الصغيرة الضعيفة، بعضها لا يتعدى عدد سكانه 10 آلاف نسمة، وسوف يذكرنا ذلك بجمهوريتي زفتي، وإمبابة.

ورغم أن الخيار الطبيعي للبشر هو الوحدة، والتلاقي، والتآخي، والتعارف، والتعاون  في سبيل مصلحة الجنس البشري، ورغم انحياز دول كثيرة في العالم إلى الوحدة كخيار يحقق لها القوة والمنعة والرفاهية، ومن نماذج ذلك الاتحاد  الأوروبي الذي يضم 26 دولة حتى الآن، ينمو في الوقت نفسه وحش الانفصال، ويتسلل ليمزق أواصر الأوطان والشعوب.

والمؤسف أن يتم ذلك بدعم المنظمات الدولية والدول الكبرى، ولدينا نماذج لهذا الانفصال الذي حدث وحول اتحادات كبيرة قوية إلى دويلات ضعيفة، ولعل النموذج الأكبر هو الاتحاد السوفيتي الذي نجحت المؤامرة الغربية في تفتيته إلى دويلات صغيرة متنافرة ومتحاربة، بعد أن كانت في يوم من الأيام القوة الثانية في العالم، وكان لها دورها في ضبط ميزان القوى العالمي.

لقد أدت نظرية "الاسترويكا" .. إعادة البناء التي اخترعها الرئيس الروسي جورباتشوف بدعم الغرب في تفتيت الاتحاد السوفيتي الذي كان العدو رقم 1 لأميركا والدول الغربية، ولا أدري كيف تم تفتيت هذا العملاق وتجزئته وتدميره بهذا الشكل، هل هي بالفعل خطة ديموقراطية تم بموجبها منح الشعوب الحق في الانفصال، أم هي خطة استخباراتية جهنمية نجحت في تدمير القوة العسكرية والاقتصادية الثانية في العالم. لتكون هناك قوة واحد مسيطرة غاشمة؟.

ويستمر وحش الانفصال في التعاظم والسيطرة ليصل إلى دولة السودان، وتقوم الأمم المتحدة بنفس الدور القذر في تغذية روح الانفصال بين أبناء الجسد الواحد، وينتهي الأمر إلى فرض إعداد استفتاء على الوحدة أو الانفصال في الدولة الأفريقية التي كان البعض يصفها بأنها سلة غذاء العالم.

ومع قرب موعد الاستفتاء المرتقب تشير كل المؤشرات إلى أن الخيار المبيت هو الانفصال، يتضح ذلك من دعم الأمم المتحدة والقوى الغربية لهذا الخيار، وانحيازهم له، دون وعي أو دراسة أو حتى إجراءات الترتيبات اللازمة لهذه الخطوة الهائلة.

موعد الاستفتاء يقترب، دون أن يتم وضع الآليات اللازمة له، ودون الاتفاق على أشد الملفات خطورة، وهي ترسيم الحدود، وكيفية اقتسام الديون والمياه، وثروات البلاد وعلى رأسها النفط الذي تتركز منابعه في الجنوب، وعندما تنبه الشماليون إلى كل ذلك، طالبوا متأخرين جدا ببحث هذه الملفات العالقة، ولكن زعماء الانفصال الذين يحلمون بدولة السودان الجنوبية الكبرى والتربع على ثروات البلد من النفط والمال والاستمتاع بالسلطة والجاه نشروا قوات على الحدود بين الشمال والجنوب، وهددوا بإجراء استفتاء من جانب واحد، مؤكدين أن عربة القطار الأخيرة تترنح وأنه لا مفر من الانفصال.

والمؤسف حقيقة هو موقف الدول العربية السلبي الذي شجع على الانفصال في البداية، ورضخ لضغوط الدول الكبرى تحت الدعاوى البراقة التي تتردد دائما وهي أن يختار الشعب السوداني ما يريده، ولو طبقنا هذا الشعار على دولهم، وتركنا لكل شعب تحديد ما يريده لتفتت كل دولة إلى مئات الدول.

والأمر لا يقتصر على شبح الانفصال الذي يقترب ويهدد أبناء وطن عربي واحد متشابهي الملامح والسمات، ولكن الأمر الأشد خطرا هو الحرب. حيث تبدو في الأفق نذر حرب أهلية جديدة ستحرق ـ إن وقعت ـ  الأخضر واليابس، وتدمر السودان كله شماله وجنوبه.

السودان كان دائما نصفنا الآخر، ولكن الأعداء تكالبوا عليه ليمزقوا أوصاله، وينهبوا خيراته. تحت شعارات جوفاء تغلف الغرض السياسي الخبيث. أتمنى أن تنتبه القيادة السياسية السودانية أولا لهذا المخطط الجهنمي حتى لو ...جاء ذلك متأخرا، وأن يصروا على وحدة السودان، وإذا كانت الحرب هي الخيار الوحيد للحفاظ على وحدة السودان فلتكن، أرحب بالحرب من أجل الوحدة، وأرفض الحرب من أجل الانفصال.

نداء في الوقت الضائع: الانفصال فكرة استخباراتية عدائية تحمل شعارات الديموقراطية وحرية تحديد المصير، ولكنها في الحقيقة دعوة ملوثة بالدم والمصالح والأهداف السياسية، وانفصال السودان خطوة ضد التاريخ والجغرافية، ستشعل شرارة الحرب الطاحنة من جديد في قلب أفريقيا .

 أرجو أن يقف الإخوة السودانيون شماليين وجنوبيين ضد الإنفصال، وتقف الدول العربية وفي مقدمتها مصر لمنعه ولو بالقوة .. أتمنى للسودان الشقيق الخروج من هذا النفق،  وأن يظل موحدا كما كان من 5000 سنة، حتى لا نعض بعد ذلك أصابع الندم.

تاريخ الإضافة: 2014-04-07 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1201
0      0
التعليقات

إستطلاع

مواقع التواصل الاجتماعي مواقع تجسس تبيع بيانات المستخدمين
 نعم
69%
 لا
20%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات