أكدت دراسة ألمانية سويسرية مشتركة أن الخفافيش تتعرف على أصدقائها وأسرها، وتتعرف على أنفسها مرة أخرى داخل مستعمراتها، وتكون مجموعات مستقرة بشكل مدهش .
هناك علاقة روحية بين دكتاتور وآخر، وبين فاسد وزميله في "الكار" .. هناك ميثاق غير مكتوب بين المجرمين والضالين ودعاة الشر. هل يا ترى السبب أن من يوسوس لهم مصدر واحد وهو "الشيطان"؟ . أم أن الشرير دائما في حالة خوف دائم، ويحتاج إلى من يتآزر معه، ويمنحه الحماية والقوة، لعلمه في قرارة نفسه ـ مهما كابر وحاول إثبات عكس ذلك ـ أنه على خطأ.
الأخيار يتعاطفون مع بعضهم بعضا، ولكن ليس بقوة تعاطف الأشرار، ..في أحد قضايا الفساد الصحفية أثبتت التحقيقات أن صحفيا في مكتب الصحيفة في إحدى الدول اشتكى لرئيس مجلس الإدارة من صحفي زميل يسرق، فماذا كان رد فعل رئيس مجلس الإدارة، لقد أرسل رسالة شفهية للصحفي الشاكي تقول له "خلي اللي يسرق يسرق".
أما المؤمن فهو ـ عكس الكافر ـ "مطمئن" تغشاه السكينة، ويعلم جيدا أنه سيلقى حسن الجزاء، .. الماسونية والصهيونية وكل حركات الشر العالمية تتعاون وتتحد، ويساعد بعضها بعضا، .. أشرار العالم يدعمون أنفسهم، ويساعدون كل شرير صغير يريد أن يشق مستقبله في عالم الشر، فيغدقون عليه الأموال، حتى يكبر لينضم إلى قبيلة الخفافيش الكبيرة التي لا تعيش إلا في الظلام.
لا يوجد فاسد يغار من فاسد آخر، على العكس يفرح الحرامي ويبتهج عندما يرى لصا صغيرا، وبسرعة يمد جسور التعاون، ليفيد ويستفيد، وفقا لمنطق "شيلني وأشيلك".. الأشرار ينتشرون كالبكتيريا بسرعة في الهواء، وفي وقت وجيز يكون المرض قد تحول على وباء.
الكلاب تصادق الكلاب، وتنبح وتتعارك معا، والعصافير تصادق العصافير، وتغني وتنطلق معا في أسراب رائعة، هل رأيت مرة كلبا يصادق قطة؟ ، يقول الحديث الشريف: "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل"، وهذا يؤكد أن الشر يصادق الشر، والخير يصادق الخير، والمرء يتأثر بجليسه سواء أكان صالحا أم طالحا.
هل تذكرون حديث الجليس الصالح وجليس السوء ؟ عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة ، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً منتنة". صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري ومسلم.
في عالم المخدرات تجد دائما من هو على استعداد دائم لتقديم لك البضاعة، ومساعدتك على أن تبدأ من الصفر، لتكون في النهاية تاجرا كبيرا، فقط إذا كان لديك الرغبة، وإذا حدث أن سقطت في أيدي مكافحة المخدرات، ستجد زملاءك الخفافيش عند حسن الظن .. سينفقون على عائلتك ، حتى تخرج بالسلامة من "أبو زعبل" بعد عمر طويل. أما في عالم الخير، فلن تجد من يمد لك العون، ستنظر يمينك وشمالك .. ستصرخ في الشارع بلا جدوى.
هذه العلاقة الوطيدة بين الأشرار لا نجدها عند الشرفاء والخيرين الذين يخافون الله، كل منهم "يعمل وحده"، فإذا لاقى أحدهم شريفا ألقى عليه السلام وانصرف، وإن تحدث قال له "جزاك الله خير".
كما يتحالف الشر، ويضم له كل يوم أنصارا ومعاونين ، يجب أن يتحالف الخير، ويضم له كل يوم أنصارا ومعاونين، السبب في طغيان الشر أن أنصاره يتحركون ويعملون على نشر مذهبهم في كل اتجاه، يستخدمون في ذلك كل السبل.
أما الخير فموجود، ولكنه عبارة عن جزر منعزلة لا يعرف الشخص فيه زميله، بل إن أصحابه في كثير من الأحيان يعملون في السر. معتقدين أن من النفاق إظهار الخير، متبعين الحديث الذي تناول "الرجل الذي يخفي صدقته، فلا تعرف يمينه ما أنفقت شماله".
الأخيار يجب أن يتحدوا ويتآزروا ، ويتعاونوا على الخير، وأن يساعد كل منهم الآخر، وأن يكون ذلك ليس على سبيل التصرف الفردي، ولكن أن يكون نشر الخير رسالة وثقافة وعادة اجتماعية، وعقيدة اجتماعية لا تقل أبدا أهمية عن عقيدة الدين.
لا يكفي أن يكون المرء مسلما وموحدا ملتزما بأداء العبادات، ولكن عليه إيصال رسالته إلى الآخرين.. ، وإيصال الرسالة لا يعني بالضرورة الوعظ والإرشاد ودعوة الآخرين للإسلام. ولكنه يعني بالدرجة الأولى نشر الخير، والعدل، والتسامح، والحرية، والرحمة، والعطف، والشرف، .. وكلها من أخلاق الإسلام.
قال تعالى "وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"، وهذا التعاون الذي أمر به الله يلزمنا أن ندعم بعضنا بعضا، ليس من منطلق مذهبي أو مرجعيتنا لجماعة دينية، أو دين، ولكن من منطلق الخير، وهو فضيلة إنسانية يشترك فيها الجميع. ينحاز المرء لابن قبيلته، وعقيدته، وابن بلده، وابن منطقته، وبني جلدته وجنسيته، وصديقه في تشجيع النادي، ورفيق الدراسة، ومن الأولى أن ينحاز الرجل الصالح للصالحين، والأخيار وأصحاب المبادئ والمثل وأهل الثقة.
يقول المثل الشعبي "اليد الواحدة لا تصفق"، و"الخير" في المجتمع لن يكون قويا متماسكا إلا بتعاون أبنائه. وتآزرهم واتحادهم، وقديما قلنا "الاتحاد قوة".