إذا سألتني ماهو مشروعك ، أو القضية التي تؤمن بها ؟، .. الرسالة التي تتمنى توصيلها للناس؟ ، سأجيب على الفور : تحرير الصحافة .
لا أدعي البطولة، ولا أسعى لدخول التاريخ كالمحررين العظام الذين شهدهم العالم ، مثل إبراهام لينكولن محرر العبيد وقاسم أمين محرر المرأة ، لأن تحرير الصحافة تم والحمد لله، ولسبب قدري بحت وهو اختراع الإنترنت الذي لم يحرر فقط الصحافة، ولكن حرر الاعلام والأفكار والعقول، كما حرر الناس من استعمار خطير اسمه الاحتكار .
تحرير الصحافة أنهى قرونا من سيطرة الصوت الواحد، الذي كان يتمثل في صحيفة واحدة أو عدة صحف تصدرها الحكومة، وقناة أو اثنين تتسمر أمامها الأسرة في زمن الأبيض والأسود .
تداعت امبراطوريات الصحف والقنوات التلفزيونية والمؤسسات الإعلامية التي كانت تتحكم في معرفة الانسان، وكانت بمثابة الكانيولا الموصلة بالمريض، تعطي له الأخبار قطرة قطرة ..، تدفق طوفان المعلومات، وفتحت فؤادة هاويس النور، فركضنا في مجرى النهر نتقافز مبللين بالماء فرحين بالاختيار والعلم والتنوير والحرية .
تحررت الصحافة، فتغير شكل الإعلام ، وانتهى عصر المؤسسات الصحفية، والصحف القومية ونقابات الصحفيين، وأصبح بوسع الإنسان أن يكون من بيته ومن خلال أي جهاز كمبيوتر مؤسسة صحفية، هو نفسه رئيس التحرير الآمر الناهي بها، الآن أصبح بوسع الجميع أن يكونوا صحفيين يتابعون بالخبر والرأي والصور ومقاطع الفيديو الأحداث وينشرونها على العالم من خلال الموقع الإلكتروني ومواقع التواصل ووسائل الاتصال الحديثة مثل الواتس آب.
إنتهى عصر التلفزيون والقنوات الفضائية التي تتحكم في الإرسال، وتقطع البث إذا خالف الضيف سياسة القناة، وأصبح المواطن البسيط قادرا على البث المباشر من السطوح، ليسمع العالم مظلمته وشكواه، وأصبح المطرب المغمور قادرا على بث قناته الخاصة على يوتيوب، وتحقيق المليارات من المشاهدات، وأصبح المنع المستحيل الرابع.
إنتهي ما يسمى بالإعلام الحكومي والاعلام الموجه، وإعلام رجال الأعمال، وأصبح الإعلام الرئيس هو إعلام المواطن، وجلس الإنسان البسيط الغلبان رث الثياب لأول مرة على مقعده الوثير في مجلس إدارة العالم، بعد أن أصبح للرأى العام الذي يمثله دور كبير في صناعة القرار.
تحررت الصحافة، وأصبحت ـ شئنا أم أبينا ـ مستقلة، وباتت مواقع التواصل تحاصر وسائل الإعلام الحكومية، وتكتب على منشوراتها عبارة محرجة هي "وسائل إعلام تابعة للدولة".
تحررت الصحافة، ولكن للمشروع تبعات وفصول، فهناك الكثير مما يجب أن نفعله، علينا أن ننبه أولا للثورة الإعلامية التي حدثت ، لأن البعض للأسف لم يعي بعد أن الإعلام تطور وأن الصحافة تحررت، وأن اللعبة تغيرت، علينا دور في التوعية بالمسؤولية التي وضعت علينا كشعوب بعد أن امتلكنا قيادة السفينة .
من أدواري المفترضة ـ وأدوار كل المؤمنين بالتغير الذي شهدته الصحافة ـ المساعدة في تحويل الهواه إلى محترفين، ومساعدة الناس ـ كل الناس ـ على أن يكونوا صحفيين ومهنيين قدر الإمكان .
تحررت الصحافة، وبدأت الآن أهم المراحل، وهي تدريب جيل جديد من الناس على ممارسة الإعلام الجديد بكفاءة ووعي ومسؤولية، وهذا هو مشروعي الجديد.